الثلاثاء، 1 يوليو 2014

الاوفا الاولى : (رمادية : تلك هي اعين الذئاب !)






الاوفا الاولى

: (رمادية : تلك هي اعين الذئاب !)

{ ماضٍ إن لم يحمى .. لتطاير على ورق التاريخ باكيا ! }
http://im70.gulfup.com/T03IXu.png 

 
قبل بداية الاوفا احب اعرفكم على والد و والدة آيريس




الاسم : سيسيليا ماردلين


العمر : مجهول !

لون العيون : ازرق على بنفسجي فاتح

لون الشعر : فضي !

نبذة : صفتها المميزة هي لون عينيها ، باردة ولكنها طيبة وحنونة








الاسم : كونتلس ماردلين

العمر : مجهول !

لون الشعر : فضي

لون العيون : اخضر عشبي فاتح

نبذة : لون عينيه هو علامته الفارقة لأن هذا اللون نادر جداً في عالم الشياطين ، بارد ولا يهتم بشيء !






الاوفا الاولى

: (رمادية : تلك هي اعين الذئاب !)

{ ماضٍ إن لم يحمى .. لتطاير على ورق التاريخ باكيا ! }


تهويدةٌ حزينة وسط صمت وقع قطرات المطر ، عالمٌ رمادي رُسمَ في عينيها

جاثية على ركبتيها امام قبرٍ حديث نُقش عليه اسم صاحبه ذي الروح المسلوبة

عبراتها تسقط متواليةً وهي تبتسم مدندنة بتهويدة لا تمت لعالم الاحياء بصلة

جسدها قد امتلأ بالجروح حتى اخمص قدميها ، دمائها تنسكب منها كأنها تحاول مواساتها في محنتها

مدّت يدها ببطء ناحية شاهد القبرِ حتى استندت عليه لترخي رأسها بهمٍ يلتهمها حية من الداخل

صرّحت باسم صاحبه بقهرٍ في نبرتها المنكسرة

- كازو ! انا آسفة !










وقتٌ مجهول

عالم الشياطين

ترامت الجثث الميتة ذات الارادة المقيدة على الارض الصلبة التي تشبّعت بدماءها

النيران استعرت في كافة معالم عالم الشياطين ولا اثر لحياة باقية بعد

لم يكُ هناك سواها ، تسير مترنحة غير مدركة لما يحدث امامها

ولكنها توقفت فجأة ترمق جثث اخوتها السبعة بانكار

حالما شاهدت جثته حتى خانتها دموعها ونزلت منها تاركة عنجهيتها بعيداً

رغم تهجولها ، غربتها ، وحدتها وخوفها إلا انها لم تتمكن من تركه وحيداً ممداً دون روح

ارتمت على جثته وعانقته وهي تشهق بصوتٍ مبحوح من كثرة البكاء

حالما استشعرت برودة جسده ، شحوبه واستحالة ادراكه حتى بدأت ترتجف غير مصدقة

ظلٌ غطاها في لحظة من خلفها ، شعرت بالظلام ينبثقُ منه صارخاً

التفتت للخلف فوجدته واقفاً بتهجضمه المعهود ورعبه المنشور !

عيناه الحمراوات اللاتي حملنّ قلباً حجرياً لم تتعرفا عليها ، لم ترحما ارتجافها

وشعره الذهبي الذي استحال اسوداً فحمياً قاتلاً لم تعد تعهد ملامحه

لا تستطيع درأه بعيداً ، هي ضعيفة جداً لأجل الحراك ، جراحها بليغة و صوتها ما عاد يخرج من حلقها !

لم يهتم ! لم يشعر بها ولم يعرفها ، حرك سيفه ناحيتها كيّ يقتلها ..

وإذا به اخترق جسد شخصٍ آخر وقف حائلاً دون نيله منها !

سعل دماً احمر قاني وقد كان يرتجف بعينيه الذهبيتين الباهتتين

انتشل السيف من قلبه الذي توقف عن النبض وسقط على الارض لتهرع اليه صارخةً بما تبقى لها من صوت

- آيريس !!

امسكته ووضعته في حجرها ، جفت الدموع من محجريها فما عاد لها البكاء حليفاً

وحشّية المسخ الدغلي الخارج من رحم العتمة والواقف امامها لم تسمح لها بسماع آخر كلمات آيريس

جلُّ ما استطاعت فهمه هو عبارة واحدة فقط

- غيري ... الماضي !

لفظ انفاسه الاخيرة بكلماتٍ غامضة التهمتها لظى النيران المستعرة في المعمورة

ارتجفت عيناها من الخوف واسودتا حتى ما عادت ملامح تبان فيها

حالما اشهر والدها الامبراطوري سيفه امامها مجدداً كي يسلب حياتها
ظهر ضوءٌ ابيض من العدم وسحبها الى اعماقه وهي تأنّ من تحطم روحها الى اشلاء









قبل قرونٍ سحقية

عالم الشياطين

التاريخ !

هو ذلك الكتاب غير المرئي الذي اختفى وسط العالم الغامض ، مختومة هي صفحاته في الزمن ومملوءة بتفاصيل خطتها دماء الحروب ، ومن بين سطوره العديدة خُطت حكاية قديمة كانت كمرض العضال في ذاكرة من عاشوا احداث ايامه

طفولة بائسة ، رسمتها قوانين صارمة وضعها القدر لتيسير امور الحياة ، مضطربة هي احداثه و غريبة صدفه ، تقودنا الى حيثُ اللا مكان وتقيدنا بسلاسل لا تنتمي لأي البلاد

معمعة خبأها عباب المحيط الهادئ في غربة كانت فريدة من نوعها ، احتضنت تحت اجنحتها الملائكة والشياطين اللذين فضلوا النوم الابدي على السبات والحياة !

لنعد لزمن كان فيه ابطالنا لوردات الجحيم السبعة مجرد اطفال صغار ، يحملون بين سطور قصصهم الكثير من المآسي والاحزان

في جوف القصر الملكي الذي ما ان تتوغل فيه الارواح حتى تضيع بين اروقته الفخمة التاريخية ، تحفة فنية رسمتها ايديّ فنانٍ من نوعٍ خاص ، ذي رؤية مختلفة للعالم ، رقيق ولكنه مرعب ! حسن الاختيار ولكنه دقيق !

صدعت في اروقة ذلك القصر ضحكات الابناء السبعة الذين التمسوا الحب منذ نعومة اظافرهم ، رغم صعوبة منزلتهم في طبقة المجتمع إلا انهم جابهوا ارادة الشياطين فيهم وحطموها ليحيلوها احتراماً خالصاً لهم وحسب

خارج اسوار ذلك القصر وعلى اطلال الجبل الاحمر الشهير الذي انتصب عليه قصرُ عائلة ماردلين الشهيرة ، القصر الفضي ذي النقوش الذهبية والافعى السامة التي رمزت لهذه العائلة منذ فجر التاريخ

وداخل جدرانه الواسعة الصامتة ، جلست قائدة العائلة في غرفتها تحتسي شاي الظهر وحيدة ! تفكر بالقدر والى اين يقودها في كل يوم هو مسيرة ناحية الموت بالنسبة لها

اغمضت عينيها مرهقة وارخت رأسها على الكرسي وهي تغمض عينيها ذوات اللونين المميزين ، فتحتهما ببطء حالما شعرت بوجودها حولها ، ابتسمت بهدوء وهي تعيد اغمائها وتقول على مضض

- آيـآكا ، عزيزتي سررت بقدومك !

ما كان من التي كُشفت إلا ان تستجيب لما قالته لها غريمتها ، انتقت لها مكاناً على الكرسي المقابل لها ووضعت قدماً على الاخرى لتعقب على قولها ببرود وابتسامة خبيثة تعلو وجهها

- سيسيليا ! ، وانا التي كنتُ احاول مفاجئتك

ابتسمت سيسيليا ببرود ولم تردف او تستطرد على قول آيـآكا المشئوم ، فهي لا تثق بمفاجئات صديقتها العزيزة على الاطلاق !

سكبت آيـآكا لنفسها بعض الشاي وارتكزت على الكرسي بهدوء ، تعجبت سيسيليا والتي لم تعتد على صمت آيـآكا من فعلها الغريب ، وضعت الكوب بهدوء على الطاولة وجلست بكبرياء الملوك وهي تردف بنبرة باردة

- ما الامر ؟ تبدين مختلفة هذا اليوم !

لم تكن تلك الضيقة التي لمعت في عيني آيـآكا إلا دليلاً على فاجعة ستحدثُ قريباً ، درأت سيسيليا الهادئة كل تلك الافكار من عقلها المليء بالفواجع ، تراجعت قليلاً بنظرات اعينها الى الخلف وهي ترجو ان لا تتحدث آيـآكا بما قد يعكر مزاجها

ولكن الاخيرة اردفت بنبرة منزعجة جادة ، كانت كفيلة بقطع حبال هدوء سيسيليا

- سمعت ان حاصديّ الارواح يجوبون المدنّ هذه الايام ، لم يخبرني ساتي بالسبب مطلقاً

تنهّدت سيسيليا مرتاحة وقد انجلى من نفسها ذلك الوجل الذي استكان عدواً في روحها ، اغمضت عينيها واردفت بنبرة قائدٍ ينبء من حوله بالموت المحتوم

- تعودنا على هذا الفعل منهم ، فهم يحبون ارعاب الشياطين الجامحين الذين يطيشون بحثاً عن المشاكل !

ظهر شبحُ ابتسامة على ثغرِ آيـآكا القلوق ، زفرّت بحدة وقد بانت السعادة فجأة على محياها

- كما توقعت ! برودك دائماً ما يمتعني سي – شان !

قالتها بمرحٍ طفولي رسم ابتسامة صغيرة على شفتي سيسيليا الباردة ، شبكت يديها ببعضهما وارتخت الى الخلف وهي تقول بدفء غير معهود في صوتها

- سمعت ان ساتان – ساما قد رُزق بمولود جديد ، ذكر مرة اخرى اليس كذلك ؟

كشّرت آيـآكا بوجهها مستنكرة ، لمعت عيناها بحزنٍ ابله وهي تعقب شاهقة ببكاء مكبوت

- اجل ، اسماه هيرو ، ذاك الغرّ ! لقد تقت لفتاة ويظهر لي فتىً آخر سيظهر الشيب في رأسي !

قهقهت سيسيليا بسخرية على آيـآكا ، اعقبت بعدها باستهزاء لاذع

- إن ظهر الشيب في رأسك فسيعطي هذا ابناء ساتان سبباً لأحترامك ايها الكسول ، لذا لا اظنه امراً سيئاً

شهقت آيـآكا وكأنما هذه نهاية العالم امامها ، وقعت بالكرسي الى الخلف وهي تبكي صارخة بطفولية بلهاء

- هل هذه طريقة لمواساة حبك الوحيد ؟! لم اتوقع ذلك منكِ سي – شان !

قطبت سيسيليا حاجبيها منكرة لما قالته لها آيـآكا منذ ثوانٍ معدودات ، اشاحت بوجهها وهي تضحك عليها ساخرة بلا اهتمام واضح

عادت آيـآكا للجلوس على الكرسيّ مجدداً بهدوء ، اعادت سيسيليا النظر لآيـآكا لتسري الرعشة في جسدها وهي ترى ملامحها المرعبة ترمق ظلال الغرفة بوعيدٍ مكيد

شعرت بقليل من الفزع ناحية صديقتها التي لم تعهد منها ملامح المسوخ هذه ، ظهرّ شرارٌ احمر في عيني آيـآكا لتقول بنبرة مرعبة جمدت الغرفة بأكملها

- ما الذي اتى بكِ الى هنا ، سوزان ؟

من رحم ظلام الظلال ظهر منجلٌ ضخم معدٌ لقنصِ الارواح ، تجلس فوقه فتاة اكتست الاحمر لوناً للباسها ، كما تماشى مع لون شعرها الاحمر وعيونها الخضراء العشبية

كان المنجل يطفو في الهواءِ وهي جالسة عليه بملامح وجهٍ متصلبة ، لم تبدِ اي اهتمام لفترة وجيزة حتى بدأت تمرر ناظريها تارة ناحية آيـآكا وتارة ناحية سيسيليا المتفاجئة

وقفت سيسيليا لتردف متعجبة

- سوزان ! ما الذي اتى بكِ في مثل هذا الوقت ؟ اعني اليس من المفترض كونك تحصدين ارواح من هم على لائحة الموت ؟

لمعت عينا سوزان بانزعاجٍ شديد ولكنها ابتسمت بعد ذلك بهدوء لتترجل عن المنجل وتقف على الارض مردفة

- يمكنك القول بأن الحياة المعلقة يمكنها الانتظار ، ولكن الحياة التي على المحك لا يمكنها !

لم تفهم ايٌ منهما ما كان من مقصدٍ بهذه العبارة العجيبة ، تناظرتا لفترة بسيطة ثم ارهفتا السمع ناحية سوزان الواضح على ملامحها القلق المديد

حينما ارادت ان تنطق بعباراتها المحبوسة بين شقيّ فاهها اوقفها انبلاج باب الغرفة ودخول صبيٍ صغير لم يتعدى الحادية عشر من عمره ، تفاجئت للحظات ولكنها اعادت وضع قناع الجلمود الصلب

التفتت سيسيليا للخلف فابتسمت بحنان مفاجئ ، اتجهت ناحية آيريس الذي امتلأ وجهه الطفولي بالخدوش الطفيفة ودنت منه وهي تمسح الدماء بمنديلٍ ابيض كانت قد التقطته من على الطاولة

ابتسمت له وهي تقول بحب

- يا الهي انظر لنفسك ، ما الذي كنت تلعبه بحق الله ؟

ابتسم آيريس ابتسامة واسعة بريئة حتى بان صفّا اللؤلؤ المكنون في فمه ، بات يبحث في جيوبه لفترة حتى اخرج منها حفنة من الزهور الزرقاء ذات الرائحة المشبعة المميزة

اتسعت حدقتا عينيّها بقليل من الصدمة حالما ادركت ماهية هذه الازهار الزرقاء ، نظرت اليه بعتابٍ في عينيها وزجرته بعنف

- آيريس ! بحق الله اذهبت للضاحية الغربية لوحدك ؟ الم اخبرك بأن هذا خطرٌ عليك ؟!

نفخ شفتيه بقليل من الغضب ناحيتها ، اشاح بعينيه وقال بكبرياء

- ولكنّي لم اذهب لوحدي ! بل كان كلٌ من كازو و آلبيرت معي كذلك !

زادت من قطبها لحاجبيها الضعيفين ، جرّت وجنتيه حتى احمرتا وهي تقول بعتابٍ طفيف

- ولكن لما ذهبت الى هناك ؟

ضحك لوهلة كالأبطال ثم اعقب من بعدها

- تسلقت الزبى وخاطرت بخوفي من المرتفعات لأجلب هذه الزهور ، انتِ قلتي بأنها ستساعد اختي سايوري على الشفاء بسرعة ، اليس كذلك ؟

لمعت عيناها بدهشة وهي تنظر لأبنها بغير تصديق لما قاله ، ابتسمت بعدها بهدوء واستطردت قائلة

- هكذا اذاً ، لقد كبرت بالفعل يا عصفوري الصغير

احمّر وجهه خجلاً ليصرخ بها ناهياً بعنف

- لا تقولي لي عصفور ! انا رجلٌ الان .. رجل !

ضحكت عليه بخفة امومية وهي تمسح على شعر رأسه الابيض الذي شابه شعرها لتعقب قائلة

- حسناً حسناً ، انت رجلٌ قصير القامة الان !

استطاع سماع ضحكات آيـآكا الساخرة منه ، استشاط غضباً لهذا ولكنه حاول التصرف كالكبار وعدم اظهار اي اهتمام لهذا الموقف المحرج

سوزان التي كانت واقفة ترمق آيريس بانزعاج قد رددت في قرارتها بقهر

- الامير قد كبر اذاً ؟ مؤسفٌ ما سيحدث له !

القى آيريس نظرة خلف والدته ليجد سوزان تنظر اليه بعيون هائمة في بحرٍ من الغموض الذي لم يتمكن من فهمه مطلقاً ، ابتسم بسعادة وقد توردت وجنتاه وهو يركض ناحيتها ويعانقها قائلاً

- خالتي سوزان ! اتيتي للزيارة اخيراً ؟ هل انهيتي عملك ؟

ابتسمت سوزان بهدوء ودنت اليه لتعانقه بحرارة وتحمله بين ذراعيها ، رفعته الى الاعلى كالأطفال وقالت له بسخرية حماسية

- اجل ايها الامير ! لقد اتت حاصدة الارواح لسرقة روحك وإطعامها للفئران الجليدية الحمراء !

ظهرت ملامحٌ خرقاء على وجه آيريس ليقهقه بعدها باستهزاء لخالته ذات الطباع الساخرة ، اعقب بعدها ببرود

- لم اعد صغيراً لأخاف من تلك الفئران الخرقاء ، استطيع سحقها بقدمي وشرب دمائها إن اردت !

صفّرت سوزان بانبهار وافلتت آيريس ليسقط على رأسه ويتورم بشدة ، قهقهت بانتصار واردفت ساخرة

- من انتصر الان ايها الخاسر ؟

وقف وهو يمسك برأسه محاولاً كبت دموعه من السقوط ، صرخ بها مخنوقاً من الالم

- ستندمين ايتها القبيحة الشمطاء ! سوف اخبر والدي بهذا !

تحجّرت في مكانها من الصدمة وهي تراه يغادر الغرفة متمتماً بلعنات متتالية اليها ، لم ترد اظهار تأثرها بكلمة شمطاء لذا فضلت الصمت في هذا الوقت

حالما اُغلق الباب من خلفه حتى التفتت ناحية آيـآكا التي تنظر اليها بحقدٍ واضح ، اقتربت منها وهي تقول مستكبرة

- والان اشرحي لنا سبب قدومك الى هذا المكان يا حاصدة الارواح الحمراء !

آيـآكا تعرف بأن حضور حاصدي الارواح الى المجالس لا يبشر بالخير مطلقاً ، فهم يجوبون العالم ويحصدون ارواح من وضعت اسمائهم على لائحة الموت ، هذا العمل خطير وفي نفس الوقت مشّرف لكثير من العائلات التي تحلم بمنصبٍ خياليّ كهذا

التمع وهج حزن واضح في عينيّ سوزان وانكست رأسها كما تنكس اعلام الحرب وقت الهزيمة ، شعرت بوجعٍ غريب يقتتل في نفسها من الداخل فضمت يدها على صدرها وهي تشخص بصرها الى شقيقتها الكبرى بتردد مقيت

ولكنها استجمعت كلّ ذرة شجاعة في نفسها من اجل ان تنطق بشهادة موتها المحتوم ، زفّرت كل الهواء من رئتيها وقالت مترددة

- اقترب وقتُ ظهور تلك الفتاة مجدداً ، الفتاة التي كادت تدمر عالم الشياطين قبل ثلاث سنوات ! ساتان – ساما هو الوحيد القادر على ايقافها ولكنها ستواصل العودة الى هنا لتحقيق مرادها الدموي

لم يكُن لكلماتها معنىَ واضحاً في نظر هاتين الامرأتين المستغربتين ، نظرتا الى بعضهما بتعجب ثم اعادا النظر اليها لتكتف آيـآكا يديها وتردف مستفهمة

- اخبرينا بما تريدين قوله بصراحة ، سوزان !

ازدردت ريقها ، شَحُب لون عينيها وهي تشيحهما بعيداً عن اختها وآيـآكا ، بان التوتر في صوتها وهي تقول

- بعد عدة اجتماعات مع قائد حاصدي الارواح بنفسه ، تم التوصل الى قرار حتى نمنع هذه المشكلة والمشكلات التي من الممكن ان تحصل في المستقبل القريب و ...

صمتت لفترة طويلة ، لا تعلم سيسيليا لما شعرت بوخزة في قلبها فجأة ، تجاهلت الموضوع وقالت بغضبٍ واضح

- و ماذا سوزان ؟

اغمضت سوزان عينيها وقالت بكل ما اوتيت من الشجاعة

- على الامير ان يموت !

لم يسع سيسيليا التي لم تتحمل الصدمة إلا ان تضحك بهستيرية بحتة على كلمات اختها الصاعقة ، توقفت للحظة وهي تشعر بالدوار يستولي على كل ما في كيانها

ولكنها فجأة تبّلدت تماماً فما عاد شعورٌ في كيانها مطلقاً ، بدون ان تشعر كانت ممسكة برقبة اختها وقد قامت بطعنها في معدتها بعصاتها الخاصة ، نظرت اليها بنظراتٍ مرعبة وقد اختلت شرارةُ حمراء حدقتيّ عينيها المميزتين !

اردف بنبرة مرعبة خالية من المشاعر

- إن كان القتل واجباً على حاصدي الارواح ، فأني سأكسر حيودكم هذا ايها الملاعين !

لم تتوقع سوزان اقل من ردة الفعل هذه ، تنهدت ونظرت ناحية آيـآكا التي تنظر للموقف ببرود ورددت

- انتِ تعلمين ما اتحدث عنه آيـآكا ، اليس كذلك ؟

اغمضت آيـآكا عينيها ، اشاحت بوجهها وقالت متململة

- اجل فهمت ما تقصدينه ، ولكني لن اوافق على قتله مطلقاً

زفّرت سوزان بحدة وصرخت وهي تزجرهما

- وهل تتوقعان بأني اريد قتله ؟ اقتل ابن اختي الذي شاطرني في روحي ؟! لا تمزحوا معي ! انا نقلت لكم ما قاله زعيم حاصدي الارواح وحسب !

زمّت سيسيليا على شفاهها ووقفت وهي تركل اختها مكان الجرح بغضب ، ابتعدت و ناظرت الجدار حتى لا يرى احدٌ ملامحها المرعبة ، قالت محاولة اظهار البرود

- اتحاولين ان تقولي بأن دمي ودم كونتلس قد صنع سلاحاً خطيراً ؟

ضاقت عينا سوزان ، قهقهت بسخرية ثم اردفت بعصبية

- وكأنك تحاولين تحويل الامير الى اداة ؟ ، اجل هو خطير ! ولكنه ليس سلاحاً

شدت سيسيليا على قبضتها ، التفتت وكان في نيتها القضاء على اختها في الحال ولكن آيـآكا التي حالت دون ذلك بأن اخرجت قضباناً حديدية خاصة حولها قد صرخت غاضبة

- اياكِ ومحاولة قتل شقيقتك سي ! لا تقدمي على اشياء تندمين عليها فيما بعد !

امسكت سيسيليا بالقضبان وهي تهزها كالوحوش الكاسرة ، صرخت لتهتز الارض من تحت اقدامهم ، فزعت سوزان التي لم تشاهد شقيقتها بهذا الشكل من قبل ، تمسكت بطرف كم آيـآكا وهي تهمس بشيء ما في اذنها ، نظرت اليها آيـآكا بنصف عين وببرود شديد اردفت

- اعلم ذلك ، لا داعي لتذكيري

بان التفهم على وجه سوزان ، اعادت النظر الى سيسيليا التي لا تزال تحاول فك اسرها بشتى الطرق ، اقتربت من القفص وادخلت يدها بين القضبان لتمسك بياقة ملابس اختها وتجرها بقوة حتى اصطدم رأسها بالحديد الصلب

اعادت فعل هذه الحركة عدة مرات حتى ادمى رأس سيسيليا بشكلٍ كامل ، صرخت سوزان غاضبة محتقرة

- ألا تذكرين ؟! ما الذي فعلته تلك الفتاة قبل ثلاث سنوات ؟ الا تذكرين ؟ كيف كادت تقتل الجميع بدون سبب واضح ؟ ألا تستطيعين التفكير بشكلٍ سليم حينما يتعلق الامر بابنك ؟

هدأت سيسيليا وخفت الكره من عينيها ، اشاحت بنظرها ناحية آيـآكا و قالت بهدوء

- اتذكر ، ذلك اليوم الملعون ، حينما صُبغ القمر بلون التوت الازرق !

خُرس لسان سوزان وصمتت لفترة طويلة ، لم تستطع شحذ همتها مجدداً كي تتكلم مرة اخرى ، بل تركت ذكرياتها تعوم عائدة بالزمن الى يومٍ كان مقداره كالسنة حينما اشتعلت النيران الزرقاء المحرقة في كل مكان











قبل ثلاث سنوات

عالم الشياطين

صرخات حادة و انين ارواحٍ ضج بالمكان ، عم الفزع والرعب والخوف

نيرانٌ زرقاءٌ كانت رمزاً لساتان يوماً تستعر محرقة كل حي وميت

رمادٌ تطاير من الدخاخين السوداء المشبعة برذاذ الموت السام

من اهالي المنطقة من فزع وهرب ومنهم من راح ضحية لجبروتِ طاغية مجهول

ترامت جثثٌ كثيرة على بعضها مضجعة على الارض بسباتٍ ابدي لا استيقاظ منه بعد اليوم

وعلى حافة المدينة وقف ثمانية اطفال مدهوشين ، خائفين ومتعجبين

حمل كلٌ منهم كاريزما خاصة و ملامح من عالمٍ مجهول

عبابُ السماء الاسود كان خفياً بفعل من احتل السماء بسواد الغيوم

ولكنها ما إن انقشعت حتى ظهر البدر بلونٍ لم يسبق للتاريخ ان اظهره به من قبل

لون التوت الازرق !

اتسعت حدقات الاعين وبعضها اسوّد من الفجيعة ، لم يكن احدٌ يدرك ماهية الحرب القائمة في هذا المكان

قمطرير وسط زمهريرٍ غنى اغنية الموت على قارعة الطريق المغطى بالثلوج التي اكتست الدم رداءً احمر لها

وسط همهمة الرياح بأنشودة تناجي الارواح المعذبة في الظلام !

في ليلة كانت هي الابرد من السنة ، وعلى حجاب الحمى الذي احتمى خلفه من اراد النجاة بحياته

وسط معمعة الحروب هذه ظهر غرابٌ اسود بحلة بشرية

يسير بهدوء كيان وضجيج روحٍ مكروبة وسط النيران التي تتأجج بسرعة آكلة بنهم كل الاجساد

عباء سوداء ارتداها ذلك الكيان على جسده غطت ملامحه فما عاد بالإمكان تمييزها

تشعب من العباء قبعة سوداء محت ملامح الوجوه من عليه فلم يدرك احدٌ من يكون

ولكن تهويدة كان ينشدها هي ما شدت حبال الرعب في قلوبهم

تلك التهويدة للضائعين ، الوحيدين ، المحطمين و الموتى !

حزينة فتسقط الدموع على وقع سماعها في قوقعة الآذان ! مرعبة فتستقطب الارواح لتأتي اليها مختارة !

خط دموعٍ احمر بالدماء كان يسقط من العين اليمنى التي اختفت خلف القبعة ، كيان يبكي بدل الدموع الدماء !

في يده ناصعة البياض احتل السيف الاسود ذو النقوش الحمراء مكانه من لوحة ملك الموت الفريد !

توقف الكيان امام الاطفال الثمانية ، مالم يعرفوه ان خلف سواد الغربان ذاك كان الموت يبكي صارخاً بضرورة حصد ارواح الابرياء

انتشل السيف الاسود من غمده وراح يغني بصوته الانثوي العذب




Hush .. lost soul , I'm sorry !

I couldn't save you !

And now you're just a memory



You've died right in front my eyes

but still I couldn't rescue you ..

I have become alone

The bodies of my loved ones all became cold !

Now I don't belong to any place

Isn't someone missing me ?

Isn't someone looking for me ?

My world became cold , and no one knows me

Lost me is alone crying

these graves can't talk to me

Hey lost soul , I have to reap you .. I'm sorry

Hypocrisy I do tell is no longer my ally

I can't conquer this fate

Lucid mind that I don't have

I've been in darkness for so long

So Darkness I become ..

Is this an Exile ? or am I diving into mad ?

Physcopath I have become

thirst for blood and dead corpses !

Dictators and Tyrants are around

asking for a place to ne found

Hush Lost soul I came by my own

I will take you to the world of lost Souls

You should Freeze there all alone

Is there somebody whose missing me ?

Is there somebody cares about me ?

aren't you now trying to find me ?

aren't you now trying to save me ?

Please forgive me I don't have

other choice but to destroy you

like they did .. destroy me

let your sins flow .. let your flaws be forgiven !



دموعهم كانت تجري على وجناتهم دون ان يشعروا ، فتلك النبرة المكسورة والحزينة كانت اكثر المآسي حزناً والتي شهدوها شخصياً !

ولكن الاسى عليها انقلب خوفاً ورعباً حينما لوحت بسيفها باتجاههم لتصيب وجنة كازو !

ارتعب وتراجع الى الخلف بدون ان يشعر ! ، لمس وجنته واذا بسيل الدماء ينزف منها بشدة

تعجب من عدم التئام الجرح ، ادرك حقيقةً سوداء هنا ! تلك المرأة ستفتك بحياتهم عما قريب !

التفت الى الخلف مسرعاً وصرخ آمراً

- اهربوا جميعكم ! سأحاول ان اماطلها لحين وصولكم الى برّ الامان

وقف آيريس يراقب الفتاة تقف خلف كازو بلا ملامح واضحة ، ارتعب حينما شاهدها تحرك السيف

مما اضطره الى القفز ودفع كازو بعيداً ليصاب هو في يده بشدة

توقفت الفتاة عن الحركة فجأة حينما شاهدت آيريس ، وكأنما هي تراقبه للمرة الاخيرة !

التفتت الى مكان الاخوة الخمسة الذي يرافقهم صبيٌ ذو شعرٍ ابيض تعرفت عليه مباشرةً

تقدمت ناحيته لتقف امامه ، تمكن من مشاهدة ملامح وجهها فارتعب وبان الفزع على وجهه جليَاً

بنبرة خفيضة المستوى قالت بهدوء

- آلبيرت ، مازلت طفلاً الى الان اذا ؟

لا يعلم لما شعر بالانتماء فجأة ، انجلى الوجل من نفسه على حين غرة ووقف ينظر في عينيها لوهلة

حتى همس قائلاً بهدوء

- انتِ ... لا يمكن .. !

لم ترد احداث جلبّة لا داعي لها ، ضربته على خلف رقبته ليسقط مغشياً عليه

التفتت ناحية الاخوة الخمسة وهي تراقبهم ينظرون اليها بخوفٍ كبير ورعب لا يمكن حصره

ظهر شبح ابتسامة مرعب على محياها لتتقدم منهم وتقول بصوتٍ اجش يربك السامعين

- يقال بأنه في لحظات الموت يعرفُ كل شخصٍ سبب وجوده ، لابد وانكم عرفتم سبب وجودكم اليس كذلك ؟ لقد وجدتم كي تفنوا ايها البراغيث

وقبل ان تقوم بأي حركة ظهر كازو امامها محاولاً ضربها بعصاة حمراء اللون ، تفادتها بسهولة وركلته بعيداً دون ان تنبس ببنت شفة

اقتربت من باقي الاخوة ليصرخ آراشي محذراً

- اياكِ والاقتراب ! لن اسمح لك بإيذاء اخوتي !

قهقهت بصمتٍ داخلها عليه ، لم تهتم كي ترد على اطفالٍ حولها فاكتفت بأن تفرقع بأصابعها لتهب ريحٌ عاتية كادت تسلخ جلودهم من على لحومهم

سقطوا على الارض فجأة وهم لا يقدرون على الحراك ، وكأنما اجسادهم شلّت تماماً فما عادوا يتحكمون بها

لم تعرهم الكثير من الاهتمام لأن نفسها تسوسها الى ذلك الملقى في الناحية الاخرى !

آيريس ، هو من يجب ان تسفك دماؤه اولاً ! لا يجب ان ينتفس لوقتٍ اطول ، فالمستقبل يعتمد على هذا

اتجهت ناحيته واشهرت السيف في الهواء ليلتمع بانعكاس النيران الزرقاء عليه

حالما هوت به على رأسه حتى طار فجأة من مكانه لتشعر هي بضربة قوية على وجهها كادت تحطم فكها تماما !

اندفعت الى الخلف بقوة ، اعادت تشخيص بصرها صوب من ضربها

ارتعدت اوصالها ، ارتجفت وهي تتذكر كيف قضى على كل ما احبّت في لمح البصر

حالما لمحت خصله الذهبية اللامعة و عيناه الحمراوات المرعبات حتى شعرت بالارتباك !

تمالكت نفسها وحاولت ان تتنفس الصعداء حتى لا تُهزم هنا والان !

وقف ساتان بجبروته الطاغي امامها بغضبٍ لا يمكن تصوره ، بنبرته الباردة الحادة قال مهدداً

- المنفى مناسبٌ لشخصٍ مغترب اتى من العدم فهلك !

لم تبدِ اي اهتمام لما قاله ، سخرت منه بزفرة مما اثار اعصابه اكثر

في لمحة بصر ظهر خلفها كالأشباح مما اربكها بشدة ، نالت ضربة قوية على ظهرها مما جعل العباء السوداء تطير من على جسدها

تجمّد ساتان في الوقت ، ازدرد ريقه بصعوبة وهو ينظر الى نسخته الانثوية تقف امامه بملامح مرعبة

حالما شاهد انعكاس عينيه الحمراوات في عينيها الحمراوات اللامعة حتى ادرك مدى غرابة القدر

حاجباه تراقصا بصدمة وعيناه على انبلاجٍ شديد ، شفتاه لم تستطيعا ان تخرجا ما اختلج وتحشرج في نفسه

قال بلا وعيٍ منه

- من تكونين ؟!

ابتسمت بجنونٍ غريب ، تراجعت قليلاً الى الخلف والنيران تلظى في مكان بزرقتها وحرارتها الجحيمية

لم ترد ان ترد عليه فصمتت مما جعله يصرخ بشدة ارعبتها

- قلتُ لكِ من تكونين ؟!

في تلك اللحيظات البسيطة ظهرت شخصيتها السيكوباتية مضربة العقل ، ضحكت بشكلٍ هستيري مرعب وهي تبعد خصلات شعرها الذهبية من على وجهها مما جعل ملامحها الخبيثة تتضح

فردت يديها في الهواء وراحت تدور في حلقاتٍ وهي تقول كالمجانين

- انا ؟! انا من تم انجابي من صلبك ايها المبجل ! انا من في المستقبل سأكون كنزك الذي تقتله بيديك ! انا ابنتك التي ارتأت تغيير المستقبل من اجل النجاة وحسب !

راحت تترنح كالمجانين تماماً وهي تقهقه بشكلٍ مثير للأعصاب ، لم يدرك ساتان هل جنّ ام ان ما سمعه حقيقة ! ، ادعاء هذه الفتاة بأنها ابنته المستقبلية امرٌ لا يصدقه عقل

فالتلاعب بالزمن قدرة لا احد يتملكها غير ساتان و شخصان آخران وحسب ولم يرثها ايٌ من ابنائه وهذا اكيد !

ولكن اكثر ما افزعه هو الجنون الذي ارتدته هذه الفتاة كحلة لها ، بضحكها الهستيري و ترنحها الصادم

تجاهل الامر لوقتٍ قصير ، حرك يديه فاختفت النيران الزرقاء من المكان وتلاشت الرياح واختفت الصرخات من الاجواء

توقفت آيـآمي عن الضحك بغضب وهي تنظر الى ساتان الذي حاول كبت ما يشعر به في جوفِ نفسه ، تنهدت بملل ووضعت يدها على وجنتها بشكلِ تهريجي لتردف بنبرة ساخرة

- اوه يالك من قاسي ساتان ! الن تسأل حتى عن اسم ابنتك ؟

ضاقت عيناه لوهلة والتمع فيها وهجٌ من نوعٍ خاص يحمل توقاً غريباً ، اتسعت تلك الابتسامة الابليسية لتستطرد قائلة

- آيـآمي ، اسمي ايها الوسيم هو آيـآمي !

آيـآمي ، زهرة السوسن البرّية التي طالما عشقها ساتان اكثر من غيرها ، تلك الزهرة الشيطانية التي تستميل قلوب الجميع بلونها التوتي الازرق الغريب والتي انشودتها الشيطانية تضل الجميع وتسلب ارواحهم من اجسادهم لتحيلهم الى عالم الضياع الابدي !

درأ الشك من نفسه في تلك اللحظة وظهرت العصبية اكثر على ملامحه ، ارتجفت قبضتاه من الغضب ولم يتكلم مطلقاً فقط تحرك من مكانه مهاجماً اياها بسرعة خارقة

تفادت هجومه دون ان يمسّها سوء وقفزت الى الوراء ليظهر من خلفها ويطعنها بيده في قلبها ، تفاجئ حينما اختفت ليدرك بأنها مجرد نسخة

ظهرت الحقيقية خلفه لتلكمه على وجهه بقوة ، لم يتأثر كثيراً فما كان من عينيه إلا ان تلمعا بحمرة قرمزية مرعبة فتظهر مياهٌ سوداء احاطت جسد آيـآمي

تعجبت من هذه التقنية التي لم ترها من قبل ولكنها شعرت بالخطر ينبثق منها بشكلٍ كبير ، زمّت على شفاهها وحاولت ان تفك قيدها دون جدوى

غضبت هذه المرة بشكلٍ اكبر ، اتسعت عيناها اكثر لتحيطها هالة ضخمة من الطاقة سببت اهتزازاً في الارض

و طفو بعض الاحجار ، فجرت موجة الطاقة من حولها فاستطاعت الهرب من تلك المياه الغريبة

ولكن ساتان كان لها بالمرصاد فامسكها من فكها وهو يقرب وجهها منه ويمعن النظر في عينيها

لم يكن يتوقع ان تطعنه بيدها في خاصرته على حين غرة ، تألم ولكنه لم يتركها

قال بهدوءٍ عجيب

- لما تفعلين هذا ؟

لم تبدُ متفاجئة بهذا السؤال ، بل كانت تتوقع ان يطرحه عليها في وقتٍ ما

اغمضت عينيها بهدوء وابتسمت بنفس الجنون الشيطاني لتقول بخبث

- لأنك يا والدي العزيز ستجنّ في المستقبل و ستقوم بقتل كل ابنائك و كل شيطان في عالم الشياطين ! ولن يبقى إلا انا وحسب ! لذا ومن اجل تفادي هذه الامور قررت قتل الجميع من الماضي حتى لا اتعذب في المستقبل !

هو الاخر لم يتفاجئ من هذا بنفس المقدار التي تفاجئ فيه من كونه سيقتل حتى ابنائه !

اراد انكار ما تقوله في تلك اللحظة ولكن المعطيات من حوله ومعرفته التامة بنفسه تؤكد هذا الامر قطعياً !

تركها وراح يرمقها بتعابير لم تستطع ان تفسرها على الاطلاق ، ولكنه ابتسم فجأة بشرٍ لا مثيل مثله

حتى تحولت ابتسامته الى قهقهة زلزلت كيانها تماماً من الرعب ، هذه المرة الاولى التي يضحك فيها بهذا الشكل امامها ! او امام اي احد !

ظهرت نية قتلها على ملامحه ، لم تفزع فهي قد تعودت على هذا منذ زمنٍ بعيد ، انزعجت بشدة وارادت انهاء الامر بشكل تام هذه المرة

تحول شعره الى الاسود الفحمي وقد مسح بعض الدماء من جرحه على يده وخط خطاً بها على وجنته وهو يبتسم بوعيدٍ واضح

تحرك في ومضة عين ناحيتها ليقتلها ولكنه تفاجئ حينما شاهدها تنظر الى البدر ذي اللون التوتي بانزعاج

اعادت النظر اليه ببرود واغمضت عينيها لتردف بأعلامية

- سأعود بعد ثلاث سنوات لإتمام هذا ، حاول ايقافي ان اردت ساتان ولكنك تعلم بأن الحل الوحيد هو تدمير البوابة التي الان تسير على قدمين !

تراجعت الى الخلف ناحية الظلال الظلامية لتختفي فيها كما لو انها خُلقت منها منذ البداية

هبت رياحٌ هادئة حركت خصلات شعر ساتان السوداء ، ملامح وجهه الهادئة قد اشخصها ناحية آيريس الذي كان يتألم من الجرح الذي تسببت به آيـآمي له

ضاقت عيناه وقال متمماً

- البوابة اذا ؟
~



لم تكن لتستيقظ من ذكرياتها لولا أن قذفت آيـآكا عليها قذيفة مدفعية من الكعك المحلى

التفتت اليها فزعة وقد بان الخوف عليها من الهجوم المفاجئ ، تنهدت بعدما رأت ملامح آيـآكا الخبيثة والطفولية

سيسيليا التي هدأت واختفت القضبان من حولها قد صمتت ولم تعطِ اياً منهما اي اهتمام فهي قد اعتكفت داخل عقلها

تفكر فيما يجب فعله لتجنب ما يجب فعله من ظلمٍ لأبنها الوحيد ، تقدمت منها آيـآكا وقالت بهدوء وبرود

- سي – شان ، انتِ تعلمين انكِ تحملين في داخلك دم عائلة بلاك كراو ! وهذه العائلة عُرفت بالقوة منذ عقود ، كونتلس – من جهة اخرى – هو سيد عائلة ماردلين التي يهابها الجميع ! حينما اختلط دمك مع دمه انجبتما آيريس الذي يعتبر قوة هائلة لمن يريد عبور الزمن ! وحتى السيطرة على هذا العالم كذلك !

لم ترد سيسيليا ان تفهم ما تقوله لها آيـآكا لذا فضلت الصمت وعدم التفكير ولكن تقدم سوزان وقولها بنبرة عصبية قد جعلها تفكر في الامر ملياً

- اسمعيني يا اختي ! انا لا اريد قتل آيريس لذا اتيت لأخبركِ بالامر ، عليها ايجاد حل وإلا سيموت الجميع لأن تلك الفتاة استعملت آيريس للعودة بالزمن الى هنا ! وستفعل الامر نفسه مرة اخرى هذا اليوم ! كما أن ظروف ولادة آيريس قد غيرت الكثير في عالم الشياطين ! ولا تنسي بأنه مفتاحٌ لعدة اسرار دفينة تؤثر سلباً على كينونة هذا العالم إن لم يؤثر على باقي العوالم كذلك !

هي تدرك ذلك داخلياً ولكن الامر صعبٌ لدرجة لن يتخيلها احد ، هي الان على شفى حفرة من ان تحدد حياة او موت ابنها الوحيد

تترقب حلاً من السماء لأن عقلها ما عاد يفيد للتفكير ، كادت آيـآكا ان تتحدث لولا انبلاج الباب المفاجئ

لمعت عيونٌ زمردية ذات عواءٍ مرعب وشعرٌ فضي طويل قد تطاير مع سيره ناحيتهنّ

الندب الذي احتل وجهه زاده رهبة وجمالاً ، إلا ان عينيه قد كانتا الكابوس الحيّ الذي لا ينتهي

انتصب واقفاً امام سيسيليا التي نظرت اليه بعجزٍ تام ، ابتسم لها بهدوء ليردف بهيام شديد

- لا تقلقي لقد سمعت كل شيء ، لن ادع ابننا يموت ابداً ولو اضطررت للموت بدلاً عنه

لم تكن تتوقع اقل من هذا من زوجها الذي اختارته لحبها الشديد له ، ابتسامة صفراء علت وجهها محاولة اظهار التفاؤل ولكن اليأس كان يضرب ناقوس الخطر ببطء

ولكونها حليمة ، فلا اخطر من غضب الحليم إن حل !

آيـآكا وسوزان ، كلٌ منهما ارتاح لسماع ما قاله كونتلس بنفسه ، فحينما يقول بأنه سيتكفل بأمر ما فلا ينتهي الامر إلا بالطريقة التي يحبها هو وحسب !

ابتعد عن سيسيليا واتجه الى سوزان ليهمس بأمرٍ ما في اذنها ، اذعنت وانحنت لترحل بعد ذلك بهدوء ، اما آيـآكا فقد وقف امامها وقال بهدوء

- آيـآكا – ساما ، حدثّي ساتان – ساما بأننا سنجد حلاً مختلفاً عن قتل ابننا الوحيد ، واني سأتكفل بالامر بنفسي !

ابتسمت آيـآكا ابتسامتها الغريبة واعقبت قائلة

- سحقاً انت دائماً ما تسرق دور البطولة مني ! وهكذا استطعت سرقة حب سيسيليا مني !

ضحك بخفة على ما قالته ليردف بعدها

- كما ترين ، انا اكثر سحراً ووسامة منكِ

كشّرت آيـآكا بطريقة مضحكة وراحت تكز صدر كونتلس بأصبعها وهي تقول منزعجة

- انت واثقٌ جداً من نفسك ، هذا مزعج

ابتسم بهدوء ومن ثم تقدمت سيسيليا محاولة الاندماج معهما بقولها

- سأذهب لمحادثة ارواح اجدادنا لعليّ احصل على بعض النصائح ، آيريس مع كازو – ساما الان لذا اعتني به ريثما هو في القصر !

هزت آيـآكا رأسها واختفت فجأة من امام ناظريهما ، اختفت ملامح كونتلس فجأة وهو يراقب سيسيليا التي كانت تقف امامه ويقابله ظهرها

شعر بالأسى على حال محبوبته فاحتضنها من الخلف بهدوء وهو يقول مخففاً

- لا تقلقي ، هناك دائماً حلٌ غفلنا عنه !

وضعت يدها على يده وقالت وهي تغمض عينيها

- اتمنى ذلك .. انا حقاً اتمنى !









جنبات القصر الهادئة في ضوضاء عقولٍ لا تنام ، تحيك القدر بخيوطٍ ذهبية وبعضها الآخر ماسيّ

الخيوط المآسية هي تلك التي تحيك المآسي فقط ، الالم وكل شعورٍ بالظلمة والبرد اساسه الالماس الذي

تصنع منه تلك الخيوط التي يستحيل قطعها

القدر الذي من المفترض ان يتكرر لم يفعل ! مرّت ثلاثة ايام ولم تعد تلك الفتاة الغامضة للظهور ! وكأنما هي

قررت فجأة ان تنسى الموضوع و أن لا تقتل الاطفال قبل ان يشتّد عودهم !

جلس آيريس وحيداً مع آلبيرت في قصرِ ساتان الكبير ، مشاعره تختلج الكثير من الالم والغموض

لا يعلم لما هو مكبوت لهذه الدرجة ، لا يفهم سبب كون والديه حذرين جداً بشأنه

هل هو وباء ؟ هل هو خطير ؟ ام ان هناك امراً آخر به ؟

لا يعلم !

يدٌ حانية امتدت وربتت على رأسه بهدوء ، نظر الى جانبه ليجد آلبيرت الذي كبره ببضعة اشهر ينظر اليه مبتسماً بحنان

شعر بالأمان في نفسه وهو يردد ساخراً بهدوء

- كأنك ام آلبيرت ، انت دافئٌ جداً !

لم يكتفي آلبيرت ذو الاحد عشر عاماً بالابتسام وحسب ، بل اعقب قائلاً

- اجل اعلم ذلك ، انا من يكمل نقص الحنان لديكم ايها المساكين

نفخ آيريس وجنتيه بطفولية بحتة ، اردف بعدها

- لا تسخر مني آلبيرت ، لم اعد طفلاً

اختفت ابتسامة آلبيرت واحتّدت عيناه بشكلٍ مرعب ، قال ببرود سبب رعشة لآيريس بعدها

- كلنا اطفال ، لا نزال غير قادرين على فهم الحياة ! كلنا عاجزون وكلنا تائهون ، لم يكبر احدنا مطلقاً من ناحية التفكير و الادراك !

تخيف آيريس – في بعض الاحيان – تقلبات آلبيرت المزاجية ، فكلما تكلم يبدو اكبر من عمره بكثير ، وعيناه اللتين تصبحان بلا ملامح للأحياء ترعبانه وتجعلانه يغوص في بحرٍ من الظلام البارد

ابتسم آيريس بارتباك وقال محاولاً تغيير الموضوع

- هذا صحيح ، لم ارى كازو اليوم ، هل رأيته ؟

عادت الحياة لتدّب في عيني آلبيرت فجأة ، ابتسم بنفس الدفء ليردف بهدوء

- اوه اتقصد البتّار ؟ لقد ذهب للنوم على ما يبدو ، فقد ارهقه ساتان – ساما بمهمة القضاء على الهوكينز !

شهق آيريس بشكلٍ مضحك وراح يتلوى على نفسه من الاسى ، تعجب آلبيرت من هذا ليسمع آيريس يقول متحسراً

- يال حياتي التي ضاعت سداً ولم افعل فيها شيئاً ! كيف يخونني كازو بهذا الشكل ؟ ظننت بأننا ابديان في حياة الصداقة والقتال ! ظننتُ بأنه يتخلى عني في مثل هذه المتعة !

ظهرت قطرة ماء على رأس آلبيرت ليردف بعدها بقليل من الصدمة

- لا نزال صغاراً حتى تضيع حياتنا ، وكذلك ، ساتان – ساما اوكل مهمة صعبة الى كازو فقد تسبب له الهوكينز بكثير من الجراح البليغة

وقف آيريس بحماس ليتلألأ الجو من حوله بشكلٍ ظريف ، وقف كالأبطال وقال متحمساً

- في المرة القادمة سأكون الشخص الذي ينقذ كازو من بين براثن الوحوش ! وسأجعله عبداً لي لمئة سنة !

قهقه آلبيرت بسخرية لاذعة ، اعقب بعدها

- اجل وحينها سأضطر لأن انقذك انت كذلك !

شعر آيريس بالاحباط فصمت وجلس في ركن الغرفة يبكي متحسراً على مواهبه التي تضيع سداً هنا

فجأة لمعت عينا آيريس بخبثٍ شديد ، وقف وقابل آلبيرت ليقول بشر

- سأذهب لزيارة حبيب قلبي ! اراك لاحقاً

ركض آيريس بسرعة حتى لم يرى آلبيرت الا غباره فقط ، قطب حاجبيه وقال مستغرباً

- ومن يكون حبيب قلبه هذا ؟

هز كتفيه بلا مبالاة بعدها وقرر الذهاب لأثارة اعصاب ساتان او احد ابنائه لتمضية الوقت

وصل آيريس الى وجهته وهو يضحك بشرٍ كالساحرات ، وقف وهو يضع يده على خصره ويردد في نفسه

- والان يمكنني استغلال وضع كوني المسكين كي انتقم قليلاً من كازو !

دفع الباب بقوة ليدلف الى داخل تلك الغرفة ، ولكنه وقف مصدوماً حينما ادرك الوضع الغريب الذي هو فيه

التفت اليه من كان في الغرفة ، طفلٌ صغير ، في التاسعة ربما او اكثر بقليل ، يداه ووجه ملطخان بالدماء

وهو يحمل على وجهه ملامح ملائكية بريئة ، خلفه تصاففت جثثٌ مفتوحة و مقتلعة الاعضاء

الدماء كانت تسيل منها ورائحة الغرفة النتنة تخنق الرئتين بشكلٍ واضح

كان آراشي يحمل في يديه السكاكين الخاصة بالجراحة وهو ينظر الى آيريس المصدوم والمرتعب

قطب حاجبيه وزمّ على شفاهه ليقول منزعجاً

- ما الذي تريده ايها الغبي ؟ الا ترى بأني في خضم حفلة جثث ؟

لا يعلم آيريس هل يجب ان يبكي من الخوف ام يضحك من الصدمة ، فهو قد وقع على اكتشافٍ مهيب ورعبٍ جديد

في قصر ساتان الغامض والمظلم ، ازدرد ريقه بصعوبة ، اقترب وهو يرتجف من اراشي

اعتلت نظرة خبيثة مرعبة وجه اراشي فجأة لينتفض آيريس فزعاً ، اردف اراشي بشر ابليسي

- انت ترتجف كالسنجاب في عاصفة ثلجية ! لا اعلم لما اشتهيتُ رؤية اعضائك الداخلية فجأة !

شهق آيريس برعب واختبأ خلف الكرسي الذي كان خلفه ، صرخ بضعفٍ واهتزاز في كلامه

- لن تستطيع لمسي ايها السادي الخرف ! انا آيريس ابن كونتلس ماردلين !

ظهرت ملامح غبية على وجه اراشي ، سخر من آيريس بضحكة وعاد الى عمله مجدداً متجاهلاً وجوده

كان آيريس في طور الصدمة حينها ، لأنه قد عرّف بنفسه بشجاعة ولكن آراشي عديم المشاعر قد تجاهله تماماً

قال آيريس بخيبة امل واضحة ودموع بريئة

- لما يحب الجميع ان يدمر مواهبي ؟

- من يعلم ؟

صمت فجأة ، عمّ الرعب في المكان حينما ادرك صوتاً غريباً رد عليه ببرود وهو يقضم شيئاً ما

تخيل وحشاً يأكل جثة بجانبه فبكى بحسرة وقرر كتابة وصيته بدمه إن تطلب الامر

حرك عدستيّ عينيه على جانبه ليرى كاريو جالساً ينظر الى اراشي بسعادة وقد تورد وجهه من الحماس

ردد كاريو متحمساً ببرود

- كم ارغب بجعل اخي يفعل هذا لي ! يبدو الامر جميلاً ومشوقاً !

تدلت روحُ آيريس من فمه من الصدمة والدموع لا تزال تنهمر من عينيه !

فهو يكتشف كل يومٍ جانباً كابوسياً جديداً من نواحي عائلة ساتان الخفية ، خرّ على الارض وهو يقول بحسرة

- لا بأس عليك آيريس ! يوماً ما سوف تجازى بشكل لائق على الصبر الذي تملكه !

لمعت عينا اراشي فجأة فالتفت ناحية آيريس ببرود ، انتفض الاخير متفاجئاً من اراشي ذي الافعال الغريبة

تراقص حاجبا آيريس وهو يقول مستغرباً

- ماذا ؟!

امال اراشي رأسه ليقول ببرود

- نسيت ان اسألك ، ما الذي تريده مني ؟

كان موت آيريس محتوماً في هذه اللحظات ، فهو لم يتم تجاهله وحسب بل نسيان امره كذلك !

كبت دموعه ووقف وهو يقول بشجاعة وهيبة

- اسمع جيداً اراشي ! علينا ان ننتقم من كازو الظالم !

بدا الملل واضحاً على ملامح اراشي ، لم يهتم والتفت ليكمل التشريح والرجل يأنّ متألماً

اردف ببرود

- وكيف تنوي فعل ذلك ؟

ابتسم آيريس بخبثٍ غير معهود ، تقدم من اراشي وهمس في اذنه بالخطة

سقطت الادوات من يدي اراشي وتلألأ الجو من حوله ، التفت ناحية آيريس وامسك بيديه وهو يقول

- لقد وقعت في حبك ! تزوجني !

حرك آيريس رأسه بغرور وقال

- سأفعل إن نجحت الخطة !

ابتعد اراشي فجأة ليقول ببلاهة

- تربية الاطفال مسؤوليتك انت ! ما دمتُ انا الرجل فعليّ العمل من اجل لقمة العيش !

تحجر آيريس وهبت رياح كسرت روحه الى اشلاء ، شعر بأن رجولته قد تم سحقها تماماً بكلمات اراشي القاسية

ولكنه قرر الاحتمال من اجل الخطة التي اتعبته كثيراً في التفكير فيها

خلال دقائق كانا واقفين امام باب غرفة كازو والحماس يكاد يأكلهما احياء ، كلٌ منهما بملامح خبيثة بلهاء

وخطة اغبى مما كان الكل يتصور ، وقف كاريو بعيداً وهو يلوح اليهم ويقول ببرود محاولاً تشجيعهما

- ابذلا جهديكما ، وانتبها من الفخاخ في غرفة كازو ، اوه كذلك انتبها لعظامكما و اعينكما والاهم من ذلك حياتكما ! استودعتكما في رحمة الباري ، الى اللقاء لدي الان مساج بالطعن ينتظرني !

اختفت الملامح من وجهيهما في الوقت الذي سمعا فيه كلام كاريو ، هزا رأسيهما ونسيا ما قاله

اظهر اراشي علبة تحتوي على مسحوق اسود اللون ، ابتسم والتفت ناحية آيريس وقال

- هذا هو السم الذي طلبه ، ما ان نضعه على جسد كازو حتى يعيش بلا جلد لسنة تقريباً مع حروق من الدرجة الاولى والثانية !

هز آيريس رأسه وقال بهدوء

- جيد ! لندخل الان

فتح آيريس الباب بهدوء شديد ليرى الظلام مسيطراً على الغرفة الضخمة

من حسن حظه كونه من الشياطين وذلك يعطيه ميزة الرؤية في الظلام ، دخل برفقة اراشي حتى وصلا الى

سرير كازو ليسترقا النظر اليه ويجدانه نائماً بهدوء والضمادات تملأ جسده والارهاق بادٍ عليه

رأف آيريس بحاله ولكنه تذكر محل الكعك المحلى الذي دمره فالتمع الحقد في عينيه مجدداً وقرر دحر الرحمة من نفسه

اشار الى اراشي فارتقيا السرير بهدوء وبدون اي ازعاج ، وقفا فوق كازو النائم بعمق ليهمس اراشي لآيريس

- إن نجحت الخطة فسوف يكون زفافنا في قصر الكونت فورمن ! افهمت ؟

تقزز آيريس عن ذكر ذلك الاسم ، اردف بانزعاج

- ولما ذلك المكان ؟

ابتسم اراشي وراح يهز كتفيه كالفتيات حينما يقعن بالحب ، اردف بهيامٍ شديد

- الكونت فورمن كان يعذب ضحاياه بشكل مرعب ان يقتلهم ! انه قدوتي الابدية !

تجاهل آيريس ما قاله اراشي واعاد النظر الى كازو ، شعر بشيء غريب حينما نظر الى تقطبية حاجبيّ كازو

ادرك الحقيقة المرعبة هنا وتعرّق بشدة من الخوف ، نظر الى اراشي الذي فتح علبة السم بشرٍ واضح

قربّها من كازو وكاد ان ينثرها كلها عليه ، ابتسم آيريس بخبث وقال في قرارته

- للأسف لن اكون الضحية هنا ، آسف يا زوجي العزيز !

قفز آيريس الى الخلف فجأة ليصدم اراشي باستيقاظ كازو ، لكم الاخير اراشي بقوة على وجهه

فتناثر السم الاسود على يد اراشي فذاب الجلد من عليها وراحت الحروق تظهر بشكلٍ واضح ومخيف

تطاير الشرار من عينيّ كازو وهو يفرقع بأصابعه بغضب ، صرخ بقوة مزمجراً

- ايها الحقيران ! كيف تجرؤان على مقاطعة راحتي ؟!

اختبأ آيريس في احدى الزوايا واخذ ينظر الى اراشي الذي تحطمت عظامه من ضرب كازو المبرح فيه

شعر بالرعب حينما نظر كازو ناحيه وحاول الهرب إلا ان كازو امسكه من شعره والقاه بقوة على الجدار

سقط آيريس بعدها وحاول الزحف حتى يهرب ولكن كازو لم يتركه بل قام بتثبيته بأن غرز انصالاً حديدة في جسده

ابتسم كازو بأبليسية بحتة وقال بوعيدٍ واضح

- سأقضي عليك ايها السنجاب الاحمق !

قام كازو بأبراح آيريس ضرباً مما تسبب له بالبقاء شهراً في المشفى ، اما آراشي فقد استطاع ان يجد علاجاً لحالته وشفي في يومين وحسب !

ولم يجرؤ احدٌ على محاولة القضاء على كازو مجدداً !










قبل مئتي سنة من وقت الرواية الاصلي

عالم الشياطين

بطئ مرور السنون يغير احوال الناس ، التقلبات التي تحدث في نفسية كل شخصٍ تختلف

وعلى مر العصور تقلبت احوال العالم من الحروب الى الهدوء والى الخراب الابدي

تفاوت الناس في معرفتهم وبعضهم هلك ليصبح رماداً من نيران الحقد التي تستعر في قلبه

ولكن يبقى القدر لا يتغير ، فهو يعمل بطرق غامضة ، لا نمط محدد لها ولا طريقة لمعرفة خطوته التالية

مرت آلالاف السنوات على نبوءة عودة الفتاة مجدداً ، الكل كان يترقب ظهورها على مرّ العصور بلا فائدة

حتى غدت مجرد اسطورة تتناقلها الازقة الضحلة القديمة و الحانات التي تريد استقطاب الزبائن

ولكن ساتان كان يدرك الامر الخفي وراء ذلك ، وقد ارقّته فكرة عودة ابنته المفترضة مرة اخرى

شبّ ابنائه السبعة وشبّ آيريس ، كلهم اصبحوا مثالاً للرعب الحقيقي الذي يكمن خلف غمام السحاب

وقف ساتان ينظر الى لوحةٍ رسمها منذ ان ظهرت ابنته ، مرتدية حلة السواد وعينها اليمنى تبكي دماً قرمزياً

عيناها الحمراوتين الميتتين اللتين شابهتا عينيه و النيران الزرقاء التي تحيطها وهي تحمل بيدها سيفاً اسود مرعب

كان يعلم بأن وقت ظهورها اقترب ، ولكنه لم يتسطع ان يحدد الوقت بشكلٍ دقيق مما سبب له صداعاً حاداً

التفت حالما شعر بكازو خلفه ، ببروده قال

- هل حدث امرٌ ما ؟

هز كازو رأسه ثم اردف

- كلا ، ولكن هناك شعوراً لا ينفك يؤرقني !

تنهّد ساتان ، اعاد النظر الى اللوحة ثم اعقب بهدوء

- تشعر بها اذا ؟

طأطأ كازو رأسه واعقب

- اجل هذا صحيح !

شّد ساتان على شفتيه ثم قال مقهوراً

- ما الذي تنصحني به ؟ هل تريدني ان اقتلها ؟!

شد كازو على قبضته ، صمت لوهلة ولكنه قال بهدوء

- كلا ! لا تتعجب إن قلت لك بأني لا اريد قتلها مطلقاً ! كلما تذكرتها ينبض قلبي بشكلٍ غريب ! اشعر بانجذاب غريب ناحيتها !

رمق ساتان كازو بنظرة حادة ، ابتسم بعدها بهدوء وقال ساخراً

- هكذا اذا ، رقم واحد البتار قد وقع في الحب !

قطب كازو حاجبيه بصدمة ، اشاح بوجهه وقال بغرور وبرود

- ليس الامر كذلك يا والدي !

تجاهل ساتان ما قاله كازو ، قال بهمسٍ لنفسه

- القمر الذي يحمل لون زهرة السوسن الشيطانية ! سيظهر قريباً !

عمّ الهدوء حينما حطّ الظلام رحاله على عالم الشياطين ، الرياح الهادئة اصدرت هديراً كسر صمت المكان

كسير القلب من مواضع زوال الشفق في ليالي البرد القارس ، والتحولات الفظيعة في ذكريات العديد من السجناء

تلك هي هموم الحياة نحملها على كاهلنا ونزحف حتى نرميها في قعر جبّ مظلم وندفنها في منفى خاص في قلوبنا

فحيح الاشجار الذي كان كالأفاعي السامة كان الشيء الوحيد المرعب في هذا الوقت من الليل الهادئ

لم يرى احد منظر البدر الذي تلوّن بلون التوت الازرق في هذه الليلة ، معلناً عن عودة الاسطورة الى الحياة

ساتان الذي رأى البدر قد اغمض عينيه بانزعاج وسار في جنبات القصر الى حيث الظلام

على احدى السفوح كيانٌ مكتسح السواد يسير ببطء يشهر سيفه في وجه البدر

عيونٌ حمراء تلفظ انفاس الاعداء الاخيرة ، واحتباس شهقة تحشرجت بين فكيها الى حيث رئتيها

وقفت عند حادة السفح تنظر الى الهاوية ، الى تلك المدينة العامرة بالحياة في النهار

وذات الموتى السائرين في الليال العابرة ، التهجول الذي هي فيه سينتهي اليوم لا محال

وهذا ما قررته وما ستفعله بلا شك ! هي الان على وشك ان تنفذ ما تظنه صحيحاً وتنقذ المستقبل

فإن قامت بقتلهم من الان ، لن تشعر بالالم لفقدانهم حينما تولد ، لأنهم لن يكونوا موجودين اصلاً

بدأت بغناء التهويدة بنفس الصوت الحزين ، اشتدت الرياح قليلاً و تلبّدت السماء بغيومٍ فضية

تاركة البدر فقط يرسل ضوءه الازرق مغطياً المدينة بأكملها بستار من هدوءٍ زائل

قفزت من اعلى السفح شاهق الارتفاع الى هاوية النسيان الخاصة بها

حطّت على الارض بهدوء كالأشباح ، جالت ببصرها كل ارجاء المعمورة فلم تجد غير الهدوء وحسب

اقعت على الارض وهي تقوم بتنفيذ تقنية من نوعٍ ما ، ضربت الارض ليظهر ختمٌ كبير احاط المدينة بكاملها

فجأة استعرت النيران الزرقاء واحاطت بالمدينة من حدودها وتبدأ بحرق الاحياء النيام

خلال لحظات انتشر الفزع ، الهلع ، الخوف والصراخ حتى صدع في السماء شارخاً اياها

احترقت بعض البيوت واحيلت الى الرماد التام ، بكاءُ بعض الاطفال كان كالطنين في اذنيها

لذا ما كان منها إلا ان تقتل من كان مصدراً لتشتيت انتباهها

تغير لون عينيها فجأة ، الى لونٍ غريب لم يرى احدٌ مثله من قبل

تحولت عينها الى لون العسجّد النقي ولكن في نفس الوقت اختلط مع لون الرماد !

ما كان احدٌ ليفكر يوماً باتحاد عنصرين كهذين !

الذهب النفيس والرماد الذي هو لا شيء !

وقفت هي تراقب الناس يهربون من النيران الزرقاء التي لا يمكن اخمادها

ضحكت عليهم في قرارة نفسها ، سكان هذه المدينة من النبلاء وهم الان مجرد نكرة تهرب لأجل حياتها

ابتسمت بشكلٍ مرعب حينما شعرت بأخوتها السبعة يقفون خلفها بنية القتل الواضحة

يرافقهم كلٌ من آيريس و آلبيرت اللذين نظرا اليها بحقدٍ دفين !

ولكن عيون آلبيرت لمعت فجأة بحزنٍ لا يمكن وصفه ، تقدم منها بعيون دامعة وقال مترجياً

- توقفي عن هذا ! هناك حلٌ لكل مشكلة !

لانت ملامحها بعض الشيء ، اشارت بالسيف في وجهه وقالت بهدوء

- آلبيرت فالنتينو ! لا تتدخل فيما لا يعنيك ونفذ ما هو مقدرٌ لك وحسب !

احتّدت عيناه على اثر احتّداد عينيها ، اغمض عينيه وقال بتفهم وانزعاج

- افعلي ما يحلو لكِ ، لن استطيع ايقافك على اية حال

تراجع الى جانب آيريس ، تقدم كازو مكتفاً يديه لينظر اليه وهو يرفع احد حاجبيه ساخراً

حالما ركزت في ملامحه حتى دمعّت عيناها وراحتٌ صورٌ من ذكرياتها تطفو عينيها

التمع الحزن فيها واردفت بغصة

- انت حيٌ هنا ! ولكنك متَ هناك ليموت قلبي معك إلى الابد !

قطب حاجبيه بتعجب ، شد على قبضته وقال منزعجاً

- ما الذي تقصدينه ؟

ابتسمت بهدوء وعيناها تنظران اليه بهيام لتردف

- لطالما قلتها ليّ ولكني لم اقلها لكَ من قبل لذا دعني اقلها قبل ان احصد حياتك ..

- ماذا ؟!

اتسعت ابتسامتها وبانت الحياة في عينيها لتردد بسعادة

- احبك اكثر من ايّ شيء !

حالما قالتها حتى اختفت المشاعر من وجهها وكأنما هي ماتت في لحظة ، ما عادت تشعر واكتسحت البرودة نفسها لتصبح وحشاً بلا مشاعر !

اما هو فقد تصّنم في مكانه غير متأكد من واقعية ما تقوله اخته المحتملة ! تحبه ؟! هو ؟!

ملايين الاسئلة راحت تجوب في عقله دون ان يجد لها اجابة مقنعة ! هي حتى لم تولد بعد في عصرهم فكيف يمكن لها ان تحبه ؟!

لم يستطع ان يكمل تساؤله حينما شاهدها تهجم ناحية آيريس بسيفها ، شهق و ركض ليتلقى الطعنة في صدره بدلاً من آيريس المصدوم

انتشل السيف ودفعها لتبهت عيناها اكثر ، ثبتت السيف في الارض و قد احاطها اخوتها الستة الباقين ، امالت رأسها وهي تراهم ينفذون تقنية ختمٍ ابدية

عرفت مخططهم ، قهقهت بشرٍ وسخرية ، فرقعت بأصابعها وقالت

- اتظنون بأني لن اعد نفسي لمثل هذه الحالات ؟

على حين غرة كُسر الختم ليشهق الجميع ، فهذا الختم لا يمكن كسره مطلقاً

ظهر كازو من خلفها فجأة ، التفتت لتراه يحمل برقاً بيديه فضربها به على قلبها مباشرة !

دُفعت الى الخلف فكان دانتاليون لها بالمرصاد ، انشئ كرةً نارية حمرء والقاها عليها مباشرة

خرجت منها وهي غير متأثرة إلا خط الدماء الذي نزف من فمها

هي كانت تتوقع ان يكونوا صعبيّ المراس وهم بالغون بهذا الشكل ، لذا فضلت قتلهم وهم اطفال لا يفقهون في سياسية الحروب شيئاً !

ارادت التحرك ولكن قدميها لم تسعفانها ، نظرت اليهما لتجد الجليد يقيدها بشكلٍ تام

نظرت الى جيراهيم بقهرٍ شديد ولكن اكثر ما فاجئها هو وقوف اراشي خلف كتفها الايمن وكاريو امام كتفها الايسر

كلٌ منهما وضع كفه على كتفها وابتسما ليقول اراشي بنبرة مليئة بالغنج

- الى اللقاء تشيواوا – شان !

نفذا تقنية ارسلت صدمات متتالية في كافة انحاء جسدها بالأخص على قلبها !

سعلت الكثير من الدم وشعرت بالدوار ولكنها قاومت من اجل هدفها !

نظرت ناحية آيريس ، هدفها المنشود الذي سبب كل هذا من البداية !

صرخت ناحيته قائلة

- اتعلم آيريس ؟! بأنك انت من تسبب في تدمير عالم الشياطين في المستقبل ؟ اتعلم بأنك تسببت في موت كل الشياطين في العالم ؟ اتعلم بأنك انت من سبب نوبة جنون والدي التي دمرت كل شيء ؟!

اتسعت حدقتا آيريس برعبٍ واضح ، وقف آلبيرت امامه وهو يزجرها بطريقة مرعبة

- توقفي ! لا تقولي له مثل هذه الاشياء !

ابتسمت بشرّ واردفت

- ولكنها الحقيقة ! اجل لهذا يجب ان اقتله ! لهذا يجب ان افنيه وافنيكم !

حاول آيريس ان يتحرك ولكن جسده لم يتسمع اليه ، كان مشلولاً تماماً فقال بغضب

- ما الذي فعلتيه لي بحق الله ؟!

اتسعت ابتسامتها الجنونية وقالت

- سترى الان !

دون ان يدرك احدٌ ما حصل كانوا جميعاً في قفصٍ كبير ! عدا آيريس غير القادر على الحراك !

التقطت سيفها وسارت ناحيته وهي تلعق الدماء من على السيف ! نظرتها الجنونية ارعبته ولكنه تماسك

حاول التحرك بكل ما اوتي من قوة ولكن قوة ختمها مطلقة وهو لن يستطيع مجابهة دماء ساتان مطلقاً

حالما ادرك ان الموت امامه حتى قرر الاستسلام له ! فهو لا امل وسط هذه المعمعة المدمرة

ابتسم بهدوء وقد لمع الحزن في عينيه ، نظر اليها بخيبة امل وقال مستفسراً

- قبل ان تقتليني قولي لي .. ما هي العلاقة التي تربطني بك ؟!

توقفت فجأة وعيناها قد اتسعتا بعض الشيء ، اغمضتهما بعد وهلة لتردف ببرود

- كنت اعز اصدقائي يوماً !

ابتسم ابتسامة صفراء واردف

- هكذا اذا !

رفعت السيف وحركته بسرعة خارقة لتجرحه عرضياً على صدره جرحاً عميقاً قاتلاً !

شعر بالدوار والبرودة تخترق جسده ! وقع على الارض مضرجاً بدمائه وهي تسيل من فمه ومن الجرح !

اقتربت منه ووقفت فوقه لترفع السيف استعداداً كيّ تطعنه في قلبه وتنهي الموضوع

هوت بالسيف بسرعة لتصدم بارتطامه بمعدنٍ ما واندفاعها الى الخلف بضربة قوية على صدرها !

رفعت بصرها بغضبٍ شديد لترى الواقف امامها بعينيه ذوات اللون الفريد ! ادركت هويته فعادت عيناها الى البرود مجدداً

رددت بحقد

- كونتلس ! اتيت لحماية ابنك !

ضاقت عيناه بحدة مرعبة تنتفض لها الاوصال و منجله المرعب المعد لقنص وحصد الارواح يحيط به

اردف ببرود شديد

- بما إن زوجتي العزيزة مريضة جداً فإن تنفيذ وعدي امرٌ ضروري !

سخرت منه بقهقهة ، اردفت بعدها بشيطانية

- كالعادة انت تخفي مشاعرك داخلك ! اعترف بأنك تحب ابنك لدرجة تضحيتك بحياتك لأجله !

صمت ولم يتحدث ، جلُّ ما فعله هو امساك منجله وبحركه سريعة كان امامها مهاجماً اياها

تراجعت في اللحظة المناسبة ولكن المنجل اصاب ملابسها فسبب شقاً فيها وجرحاً طفيفاً

لم تهتم كثيراً بل هجمت عليه هي كذلك بسيفها الاسود ولكنه صد الضربة بمنجله

ولكنه لم يتوقع ان تقوم بركله في اللحظة نفسها التي صد فيها هجومها بالسيف !

تألم بعض الشيء فتراجع الى الخلف ليأخذ نظرة سريعة على آيريس الذي ينظر اليه بصدمة

ابتسم بهدوء وقرر ان لا يتخاذل في فعل اي شيء لإنقاذ ابنه

وضع المنجل جانباً وشد على قبضتي يديه ليحركهما بهدوء وهو يغمض عينيه

ردد عباراتٍ بلغة غير مفهومة فهبت ريحٌ عاتية اقتلعت الكثير من الاشجار والمنازل الصغيرة

اغمضت آيـآمي عينيها جراء الريح فلم تتمكن من رؤية اي شيء !

حتى شعرت بأن كل شيء هدأ ففتحت عينيها لتفاجئ بما رأته !

العالم من حولها قد اصبح بالابيض والاسود ! لا حياة موجودة ولا اثر لأي حركة في الارجاء

سمعت صوتاً فالتفتت لتجد فتاة صغيرة ترتدي ثوباً ابيض ممزق تنظر اليها والدماء تضرجها من كل مكان !

لون عينها الايمن كان الاحمر اللامع والاخرى الازرق البحري !

لم يأخذها الكثير من التفكير لتدرك بأنها هي حينما كانت طفلة ، اقتربت منها الطفلة وهي تقول ببرود

- اخبريني بأمنيتك ! ما هي امنيتك ؟ ما الذي تتمنينه ؟ هل هناك شيءٌ ما تريدينه ؟!

باتت الطفلة تردد نفس الكلمات مراراً وتكراراً ، همست آيـآمي بهدوء في البداية

- اخرسي !

رددتها عدة مرات حتى صرخت بقلة صبر وغضب

- اخرسي ايتها الحقيرة !

في لحظة قامت بقطع رأسها ! راحت تلهث بشكلٍ هستيري وهي تسمع صوتاً آخر من خلفها

التفتت لتجد امرأة ذات شعرٍ اسود طويل مضرجة بالدماء وهي تعرج وتنظر اليها بصدمة عارمة

تصّنمت آيـآمي في مكانها وهي ترى المرأة تتوقف امامها بعيونها الزرقاء الفريدة وتحيط وجهها

قائلة بصدمة لا توصف

- لما لم تهربي ؟ لما لا تزالين هنا ؟!

راحت المرأة تسعل الدماء بعدما تحدثت ، رددت آيـآمي بانكار

- امي !

فجأة صرخت مارينا بشكلٍ مرعب

- اهربي !!!

تلاشت مارينا فجأة وتناثرت الدماء على وجه آيـآمي ! ولكنها هذه المرة شعرت بكونتلس يقف خلفها بمنجله

لم تستطع ان تلتفت لأنه قام بضربها مسبقاً بالمنجل مما جرحها بشدة في عمودها الفقري

وقفت بصعوبة شديدة وهي تسعل بشدة وتنظر اليه بعيونها الحمراء اللامعة بحقدٍ ووعيد وكره !

حالما وقفت حتى اختفى من امامها ، لم تتمكن إلا من سماع صوته وهو يقول

- تشعري بالعجز اليس كذلك ؟ تشعرين بأنك لا شيء في هذه الدنيا ! انت لا تستطيعين حماية احد ! انت تضحين وتضحين ولكن بدون فائدة ! لأنكِ ملعونة ! اجل ملعونة تلعنين الجميع من حولك و تسببين لهم المآسي والفقد ! مجرد آفة هي انتي والآفة يجب ازالتها !

صرخت بقوة لترد عليه

- اخرج وواجهني !

ظهر امامها في ومضة عين وكرة بيضاء من الطاقة في يده ، قام بأدخال الكرة بسرعة خارقة في جسدها لتصرخ من الحرارة !

شاهدت جلدها يتحول الى الاحمر مما سبب لها حروقاً في عدة اماكن من جسدها ! جثت على ركبتيها وهي تصرخ وتسعل بشدة ! لم تتمكن من ان ترى بشكلٍ واضح بسبب الحرارة التي آلمت رأسها وجسدها وروحها

ولكنها صمتت فجأة وانزلت يدها وهي تنظر الى الفراغ بلا وعي ، شعرت بنبضٍ غريب في قلبها وشعورٌ يكتسحها شيئاً فشيئاً

تعجب كونتلس من ذلك ودنى منها كي يرى ما الذي يحدث معها فأذا بها تسحبه من شعره وتنظر اليه بعيون وحوش ارعبته ، اردف ببرود تشقعّر له الابدان

- لقد ... اغضبتني !

تركته فتراجع الى الخلف قليلاً حذراً منها ، وقفت وهي تترنح بشكلٍ هستيري وخصلاتٌ عديدة من شعرها الذهبي تتحول الى السواد وإذا بعينيها تشتدّان احمراراً !

صُدم كونتلس ولم يجد تفسيراً منطقياً لما يحدث ، ولكن صدمته كانت حينما امسكت برأسه فجأة وهوت به على الارض

شُرخ رأسه وراح ينزف ، وقف مجدداً وهو يترنح من الصداع واذا بها تطعنه في صدره ليسعل بشدة

التفت الى الخلف حتى يواجهها فتلقى صفعة كادت تحطم وجهه ، ركلته بعدها على خاصرته ففقد توازنه تقريباً

قال بغير تصديق

- لقد اصبحت اكثر قوة .. اكثر سرعة !

ظهرت كرة من النيران احاطت يدها لتحيط بكرة النيران رعدٌ ازرق مرعب ، تراجع كونتلس ولكن سلاسل حديدة اوقفته فجأة من اللا مكان

وفي لحظة قبل ان يتمكن من الفرار كانت قد ضربته بما في يدها ليجرح جسده من كل مكان وينزف من جروحه العميقة

ولكنها لم تتركه بل امسكت به وهوت به على الارض مجدداً لتجلس فوقه و هي تظهر خنجراً ذهبياً خاصاً بقتل نبلاء الشياطين

حينما ارادت ان تهوي به توقفت عند حافة قلبه تماماً ، نظرت الى السماء بانزعاج لتكسر التقنية الخاصة بكونتلس وترى البدر يعود الى لونه الطبيعي تدريجياً !

زفّرت بقهر واختفت الخصلات السوداء من شعرها ، وقفت والقت نظرة على آيريس قبل ان تقفز متجهة ناحية السفح مجدداً

صرخ آيريس حالما رأى والده مضرجاً بدمائه

- والدي ! هل انت بخير ؟! اجبني !

سعل كونتلس ووقف بصعوبة وهو يقول

- اجل ، سأكون بخير لا تقلق !

اختفت القضبان التي قيدت الاخوة السبعة وعاد آيريس قادراً على الحراك مجدداً ، هرع ناحية والده وبدأ بعلاج جروحه البليغة

ريثما وقف الاخوة السبعة يبحثون عن آيـآمي التي اختفت في الظلال !

اختفت النيران الزرقاء التي دمرت جزءاً كبيراً من المدينة و اعيد ترميم كل شيء كما كان مجدداً !

دُهش الجميع ، فظهر ساتان امامهم فجأة بملامح باردة وغير مبالية !

راح ينظر الى كونتلس والى ابنائه بغير اهتمام ! ظهرت آيـآكا من خلفه وراحت ترمقهم بنفس النظرات !

التفت ساتان اليها وقال

- آيـآكا ، لقد كنتِ محقة ! ما كان عليّ تصديق كونتلس !

رفعت آيـآكا كتفيها بغير اهتمام وقالت بعدها ببرود

- اخبرتك بذلك من زمن طويل ! ولكنك لم تصدقني !

ابتسم ساتان بهدوء شديد وقال

- سأعوضك لاحقاً يا عزيزتي ، لا تقلقي !

صرخت آيـآكا بغنج ورددت بحماس شديد

- اذا سوف تأخذني الى حيث اريد ؟! ساتي احبك !

تجاهلها ساتان واعاد النظر الى حيث هو آيريس برفقة والده ليجدهما واقفين ينظران اليه بخجلٍ شديد !

حرك ساتان يده فظهرت سلاسلٌ من الارض قيدت ابنائه وكونتلس وابعدتهم عن آيريس

راح يسير بهدوء ناحية آيريس الذي تراجع القهقرى حالما شاهد عيون ساتان تتحول الى الاحمر اللامع

ظهر ساتان فجأة امام آيريس وهو ينظر اليه ببرود شديد ويردد

- لو كان لدي حلٌ آخر لفعلته ولكن ليس لدي سوى قتلك !

اتسعت عينا آيريس وصرخ كونتلس فزعاً

- ساتان – ساما ! ارجوكَ لا تفعل ذلك ! سأجد حلاً ! اعدك !

لم ينظر ساتان الى كونتلس حتى ، بل اكتفى بأن قال ببرود

- اعطيتك آلاف السنوات كي تجد حلاً ولكنك لم تفعل ! لا رحمة بعد اليوم !

آيريس لم يتحرك ! ولم يبد اي اهتمام لما يقوله اي احد ، رفع عينيه ونظر في عيني ساتان بشجاعة !

لم يتعجب ساتان ولم يهتم بل اكتفى بالابتسام واظافر يده تحتد وتصبح سوداء !

حرك يده بسرعة ليتخرق قلبه النابض ! تناثرت الدماء في وجه ساتان ولكن بصدمة لم يتوقعها !

شعر بارتجافة غريبة في جسده وهو يرى ان القلب الذي اخترقه هو قلبُ سيسيليا التي ظهرت من العدم !

سعلت دماً على وجه ساتان وهي تلهث وقد اضناها المرض بشدة !

انتشل ساتان يده من صدرها لتسقط على الارض وينظر اليها بصدمة لم تزل الى الان !

آيريس الذي تناثرت دماء والدته على وجهه كان يتنفس بسرعة هستيرية وقد شهق بقوة

ليلقي بنفسه على الارض وهو يبكي بدموعٍ حارقة على وجنتيه ! لم يتمكن حتى من الصراخ

ردّد صوتُه في حلقه استوقفته همساتٌ متحشرجة بدل الصراخ ! اصابته بحّة قوية ولم يخرج صوته من الاختناق الذي يشعر به وهو يرى والدته تحتضر امامه دون ان يتمكن من انقاذها

فك كونتلس المصدوم قيده وازمع ناحية زوجته لينتشلها من الارض ويضعها في حجره وهو يصرخ منادياً اسمها

فتحت عينيها بارهاق والهالات السوداء قد ظهرت اسفلهما ، مدت يدها ووضعها على وجنة كونتلس الذي كبت عبراته بقدر الامكان !

كانت تلهث وما كان بأمكانها الكلام ولكنها قاومت ذلك الشعور وقالت بهدوء وانقطاع

- كونتلس .. حبيبي ! ارجوك اسمع ما اريد قوله جيداً ، انتبه على نفسك وعش حياةً طويلة سعيدة ! انتبه على ابنائنا فهم كنزنا الذي اوجدناه في هذا العالم ! وتذكر بأني احبك حباً جماً .. يا عدوي الابدي وحبي الازلي ! تضحيتي هذه كنت اعد لها منذ آلاف السنين حينما ادركتُ بأن آيريس ورث قدرة التأثير على العالم مني ! لذا فأن مت انا فسيحل التوازن المطلوب ولن تتمكن تلك الفتاة من العودة ! ولن يموت احدٌ في المستقبل بسببِ دمائي مطلقاً ..

نظرت بعدها ناحية آيريس الذي يبكي بحرقة لم يشهد احدٌ مثلها من قبل ، مدت يدها ووضعها على وجنته وهي تقول بضعفٍ وقد بدأت تفقد وعيها ببطء

- آيريس ، ارجوك ابتسم لي ! دعني ارى ابتسامتك التي احبها للمرة الاخيرة !

لم يتمكن آيريس من الابتسام ولكنه ابتسم رغماً عنه وسط دموع واحمرار عينيه ، ابتسمت سيسيليا بهدوء ورددت

- اجل .. هذه .. الابتسامة التي ..

ولكنها لم تكمل جملتها ، سقطت يدها على الارض وقد فارقت روحها جسدها والابتسامة تعلو ثغرها !

صرخ آيريس بصوتٍ مبحوح مختنق بشكلٍ جنوني وهو يمسك بيد والدته ويضمها الى صدره !

كونتلس لم يعد يدرك شيئاً على الاطلاق ! شيءٌ ما انطفئ في عينيه وكأنما هو فقد روحه وسبب حياته !

آيـآكا قد سقطت على ركبتيها تبكي بحرقة وعيناها على انبلاج شديد !

ساتان اشاح بوجهه واغمض عينيه بألم وهو يشعر بحرارة دماء سيسيليا على يديه !

بدأت السماء تمطر على المدينة التي تم اصلاحها !

على عكس قلوبٍ وارواحٍ كانت هنا وقد استطاع الجميع صوت انكسارها الى اشلاء !

على عكس بعض انواع الحياة التي ما عادت موجودة !

الفقد لعنة باتت تقرع ناقوس الخطر في اي وقت ، مرعب لحد الضياع !

على سفح الجبل كانت واقفة وقد شهدت كل الاحداث بهدوء

اغمضت عينيها الحمراوات وهي تردد بهمسٍ هادئ

- اذا هذا هو القرار الذي اتخذتيه ، سيسيليا ؟!

التفتت الى الخلف وهي تنظر الى البدر الذي برز لونه الفضي على العالم

وبهدوء الاشباح سارت مكتسية السواد من اعلى رأسها الى اخمص قدميها !

والرياح تضرب خصلات شعرها الذهبي وتطيره في الارجاء !

توقفت لوهلة واخرجت الخنجر الذهبي مرة اخرى من جيبها !

امسكت بشعرها الطويل وقامت بقصه فتطاير مع الرياح ناحية خط الافق !

فتحت عينيها الحمراوات بهدوء وشعرها القصير قد وصل الى نهاية رقبتها !

اكملت سيرها وسط الظلام حتى تلاشت فجأة كما يتلاشى الثلج حينما تطلع شمس اول يوم من ايام الربيع

وخلفها تركت .. حقلاً ضخماً من ازهار السوسن البّرية !

تمت !

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق