الثلاثاء، 1 يوليو 2014

الأوفا الثانية : ( إنشطار : تلك التي تختفي خلف السحاب)



الأوفا الثانية : ( إنشطار : تلك التي تختفي خلف السحاب)


http://www.mediafire.com/convkey/7be4/fq4701dki8s8awmfg.jpg?size_id=5











1 - هذه الاوفا قصة منفصلة تماماً عن الرواية ولا تمد لها بصلة !
2 - في هذه الرواية آيـآمي لم تلتقي بساسكي او ناروتو او الباقين !
3- ستكون هناك شخصيات جديدة تماماً فيها
4 - لا حاجة لقراءة الرواية لفهم احداث الاوفا !


والآن الشخصيات :








آيـآمي



ساتان بهيئته العادية



ساتان عند إستخدام قواه



سكارليت



كازو



آيريس



آراشي




كونتلس



باندورا



كاريو



دانتاليون



جيراهيم



هيرو



تشيتوسي


~












الأوفا الثانية : ( إنشطار : تلك التي تختفي خلف السحاب)



قبل 200 عام








الظلام ساد المنطقة المطيرة على امتداد غابة الضاحية الشرقية
النهر الجاري أُحيل للبنيّ من تراكم الطين فيه وعلى امتداد جريانه .. صوته كان السائد وحسب
على الارض التي تضربها الامطار بلا رحمة كانت جاثية ، تنظر لجسدها بصدمة
ريثما سيفُ محبوبها يخترق صدرها وخط دمٍ احمر رُسم على ثغرها !
تنظر صوبه بصدمة ، وهو يبادلها النظرات الميتة الباردة !
انتشل السيف المشبع بدمائها القرمزية لتسقط هي ارضاً نازفةً بدمها !
وتنهمر من عينيه دموعُ الحسرة و القهر وهو يغلق قلبه بمفهوم الإنكار
- اعذريني سكارليت .. ما حقّ لي ان احبّ شخصاً مثلك !





قبل 100 عام !

على سطح القصر العريق انتصبت واقفة بشعرها الاحمر الذي يتطاير مع الرياح الباردة
عيناها منكسرتان .. حزينتان ، وهي على ابواب البكاء تقرع ،
شعرت بها خلفها ، فابتسمت و دموع عينها اليسرى وحسب تسقط بحرارة
والاخرى تتقدم منها واثقة الخطى فتعانقها من الخلف مخففة عنها ،
- آيـآمي ! لقد قررت .. سأنسى حبه و أحب غيره !
قالتها بلوعة ، خنقة وتردد ! فما كان من آيـآمي إلا إن وضعت يدها على عينيها وسكارليت تباشر بالبكاء
تشهق و تخرج ما اعتمل في جوفها من الحزن والألم
- لا تفعليّ مالا تصدقينه ، ولكن إن كان السبيل لفقدان الألم ! فنفذيه !
وقفت على ذلك السطح لساعات ! وهي تتذكر اول لقاء لها به وتمحوه من شريط حياتها !






في الوقت الحالي
بسكونٌ غير اعتيادي منه ، آراشي كان يسير بخطى هادئة يحمل رزمةُ من الأوراق بين يديه ،
منهمكٌ في القراء فلا يشعر بما حوله ، يرتدي نظارته الطبية وكل ما يرآه هو تلك الكلمات المطبوعة ،
و على الكفة الأخرى كانت هي تسير في القصر بهدوء لحين شعرت به يقترب من مكانها ،
أبتسمت وقد ارادت أن تفاجئه بقليل من الخدآع الشيطاني فظهرت من حين لم يعلم ووقف أمامه ،
بدون أن يشعر كان قد ارتطم بها وتراجع قليلاً للخلف ولكن تركيزه لا يزال منسكباً على القراءة ،
نفخت خديها بقليل من الانزعاج لحاله ، فما كان منها إلا أن امسكت بالأوراق وأنزلتها بعض الشيء ،
ففاجئته بقبلة دافئة جعلته يعود للعالم الحقيقي ، رمش عدة مراتٍ ينظر لها باندهاش ،
لحين ظهرت إبتسامته الحانية وهدوئه الغير معهود ، ابتسمت سكارليت فاحمّرت وجنتاها بعض الشيء ،
اقترب منها وأمسك بذقنها فيردفَ بحبّ :
- قطتي المشاكسة تغار من الورق ؟ عليّ أن اضيفه للقائمة !
ضحكت على ما قاله بسعادة ، ابتسمت بعدها وهي تردد بحب :
- مرحباً بعودتك ، افتقدتك !
ربت على رأسها بحنان ثم اعقب بهدوء :
- لقد عدت !
ارتمت في احضانه سعيدة ريثما هو يربت على رأسها مستمتعاً بقربها ،
في حين آتى آيريس يسير بحماسة مع كازو متصّنم الملامح ، خافت المشاعر ،
كان يبدو سعيداً ووجنتاه محمرتان تنظران لكازو وهو يصرخ منفعلاً بابتسامة :
- كان يجب أن تراه كازو !! كان مذهلاً ذلك القط الضخم ! لقد اكل الحوت !!
عينا كازو تضيقان أكثر كلما تحدث آيريس معه لمدة اطول ، لا يطيق صبراً حتى يتخلص منه ،
ولكن شكل آيريس كان لطيفاً وهو يتحمس كالأطفال تماماً ولكن منظر آراشي معانقاً سكارليت قد اوقفه ،
شعر بغصة واختناق في صدره وهو لا يدرك بأن آراشي ينظر له بطرف عينه بخبث ،
من اجل ان يحمّس الاجواء قبّل آراشي خصلات من شعر سكارليت الحمراء أمام عينيّ آيريس ،
الذي من جهته تطايرت الشرارات الحمراء الغاضبة من عينيه واشتعلت النيران حول جسده ،
ما كان من كازو خافت المشاعر إلا أن جلب طفاية الحرائق واطلقها دفعة واحدة على آيريس ،
الذي تبلل تماماً ونظر ناحية كازو بنظرت الحقد ولكن الاخير فقط كان جامد الملامح وكأنما عقله في عالم آخر ،
كبت آراشي الضحكة ولكن جسده لم يتمكن من ذلك ، فما كان منه إلا ان يعانق سكارليت بقوة وهو يرتجف من الضحك ،
زاد ذلك من إنفعال آيريس الذي عادت النيران للظهور من حوله مجدداً ، تنهّد كازو الذي غادر للحظات وعاد
جاراً جيراهيم من شعره والقاه بقوة على آيريس المشتعل ، غضب جيراهيم وأُحيط المكان من حوله بالثلج
وهو يصرخ على كازو غاضباً :
- كيف تجرؤ كازو ؟!!
بعينين خاليتين من التعبير كان كازو ينظر إلى جيراهيم ، اغمض عينيه واستدار ماشياً في طريقه بعدما
تأكد من أن نيران آيريس قد دُفنت تحت ثلوج جيراهيم ، فاجئ الجميع ذلك الصداع المفاجئ في رؤوسهم
حينما صدع صوت ساتان في جماجمهم منادياً بنبرة امبراطورية بحتة :
- فالتحضروا لقاعة الاجتماعات بلا استثناء ! كذلك سكارليت، سوف تنالين عقاباً شديداً لما فعلتيه بشعر ماري !
توترت سكارليت وبدأت تتعرق من تلك النبرة التي خاطبها بها ساتان ، ذلك البرود الذي يوتّر القلوب ! ،
ولكنها ادركت السلاح الدفين في هذا القصرِ منذ سنواتٍ طويلة ، فابتسمت بأمل ودموع تماسيح كاذبة وهي تتمنى
أن لا تغيب آيـآمي عن الإجتماع !
ولكن ما حدث لاحقاً فاجئها ، حينما انقض آيريس على آراشي يقاتله ، اتسعت عيناها بشكلٍ غبي ،
تقدم كازو ببرود وسحبها بوجهه المتصنم بعيداً عن المشاجرة حتى لا تصاب بالأذى ،
النيران تشتعل من حولهما ، لم يظهر كازو أي تعبير و سكارليت تنظر بصدمة متصنمة نحوهما ،
التفت كازو للخلف فوجد كاريو ينظر بنفس النظرات الباردة تجاه القطين المتشاجرين ،
هز كلٌ منهما رأسه واتجها في نفس الوقت لمكانٍ ما ، سرعان ما عادا يحملان دلوين من الماء والثلج بين يديهما ،
في نفس اللحظة كانا قد سكبا الماء والثلج على كلٌ من آيريس وآراشي الذين توقفا مصدومين ،
بدونِ أي مشاعر او حتى نظرات ضربَ كلٌ من كازو و كاريو كفيهما بنصرٍ اكيد ، رغم ان ملامحها تحكيّ قصة اخرى مختلفة تماماً !





قبل 360 عاماً
قرية آيبالا ، المكان الذي يعيش فيه من ليس لديه شيء ! المكان الذي يؤي اولئك مفتقديّ أهم الاشياء ! ،
رغم كونها مرتعاً للجرائم و بعض انواع الفقر إلا انها لا تزال عامرة بحركة التجارة الضئيلة و بعض المهرجانات السعيدة ،
يسير الناس فيها بنوعٍ من الخمول ، ولا تجد لتلك السعادة الصغيرة مكاناً في قلوب الجميع ،
فرغم المحاولات التي فعلها النبلاء وساتان نفسه ! إلا ان ارواح من يقطنون هذه القرية .. شبه خاوية ! ،
فلا حيلة إن لم يريدوا أن تتم مساعدتهم كي يخرجوا من تمرقهم في الوحل ! ،
نهارٌ هادئ ورياحٌ تدفع الأوراق بلفحاتها الباردة ، الناس يسيرون كما يسير الضائع بلا هداية ،
إلا أن ضوضاء صغيرة كانت تعّم المكان ، حينما كانت تلك الفتاة تركضُ بسرعة جنونية تمسك بين يديها
كيساً بنياً تتطاير منه ادخنة الخبز الساخن ، ورجلٌ آخر يرتدي لباس الطهاة يركض خلفها بغضبٍ لا يمكن قمعه
هي بعبائتها السوداء التي غطت قبعتها وجهها ، وعلى امتدادها حول رقبتها قلادة ذهبية لذكرى قديمة تعزّها
- لقد مللت منكم أيتها البراغيث اللعينة ، سأقتلك بيديّ !
صرخ بها بصوتٍ مبحوحٍ مرعب ، جعّل تلك الفتاة تدرك بأن لا مفّر لها غير مواكبة الركض !
واكبت الركض لحين تعب الرجل السمين من ملاحقتها ، فتوقف متوعداً ، ولكنها لم تتوقف على الرغم من ذلك
فقط واكبته خائفة من أن تفقد الطعام الوحيد الذي حصلت عليه منذ اكثر من اربعة أيام ! ،
ولكن ارتطاماً مدوياً قد اوقعها ارضاً ، حينما اصطدمت بجسمٍ قوي بعثّر الطعام المسروق من بين يديها ،
تألمت من إرتطامها بالأرض فنظرت للواقف أمامها بحقد ! ، ولكن .. شعورٌ ما احتّل كيانها في تلك اللحظة ..
وكأنما هذا الشخصُ من عالم آخر مختلف ، ابتسامته الغريبة .. لون عينيه الذهبي وكذلك هالته ! ،
لوهلة كان بالنسبة لها تجسيداً لأسطورة قديمة تم إحياؤها من كتاب مغّبر قديم ! ،
انحنى الرجل للأرض والتقط الطعام الملقى خطأً ثم ساعد الفتاة الساقطة على الوقوف ، ناولها الكيس ووقف ،
وقف ينتظر كلمة شكرٍ منها ، ولكنها أبت ان تشكره فحاولت الفرار إلا أنه امسك برسغها وضغط عليه بعض الشيء ،
- ما الذي يقولونه في مثل هذه المواقف ؟!
عرفت مقصده ، ولكنها لم تقم بشكرِ احدٍ من قبل ! ، فكيف لها ان تنطقها الأن بسهولة ؟!
سحبها وقربّها منه قليلاً فظهرت شراراتٌ خبيثة في عينيه وابتسامة تجّلت بحلة الشياطين الحقيقية
- هيا دعيني اسمعها !
لوهلة كانت تمّط شفتيها بقهر ، شدت بيدها الأخرى على الكيس ورددت بخفيض صوتها
- شـ .. شكراً لك !
هو قد سمعها ولكن الصوت الخفيض لم يعجبه ، اتسعت ابتسامته و اردف بخبث
- لم اسمع ما قلتيه ، هيا اعيديها !
ما كان منها في تلك اللحظة إلا ان ترفع صوتها بعض الدرجات حتى يتسنى لها الخلاص من هذا الحال
- شكراً لك !
اتسعت ابتسامته اكثر بنفس الخبث ، ادركت هي بأنه قد سمعها ولكنه يريد سماع صوتها بشكلٍ واضح
ردد هو بصوتٍ عالٍ
- يال الفتيات ، دعيني اسمع صوتكِ وأنتِ تقولينها !
التفت الجميع صوبهما يرمقونهما بنظراتٍ متعجبة ، شعرت هي بالخجل أما هو فقد اوقعها في الشرك ،
اتخذ القرار المناسب في ظنّها في تلك اللحظة ، حينما دفعته بقوة على صدره وركضت بسرعة خيالية تعجب هو منها ،
ضحك بقليل من الاستمتاع وهو يحكّ شعره مردداً
- كنتُ امزح وحسب ! يالها من درامية !


يومٌ جديد على سماء قريبة إيبالا المغبّرة ، السماء البرتقالية المائلة للبني ، آثار الخراب والفقر في الارجاء ،
تارةُ ترى سكيراً نائماً على قارعة الطرقات وتارة ترنو لمن هو اسيرُ الماضي فيشنق نفسه أمام العامة ! ،
كانت تسير برفقة فتاة اصغر منها ، لها نفس الشحوب ، نفس خفوت حياة العيون ، ترتدي عباء سوداء كخاصتها ،
تمسك بيدها بهدوء والطفلة تحاول كبت الدموع من النزول ، فهي لم تتناول الكثير من الطعام منذ فترة ،
الاخرى ترمقها بعيونها الخضراء الخافتة بشفقة ، لا تستطيع توفير لقمة عيش نفسها فكيف ترعى طفلة ؟!
حلّت الطفلة يدها من يدِ ذات العيون الخضراء وركضت محاولة التخفيف عن روحها و الشعور بالحياة ،
ولكنها بحركة لم تتوقعها ارتطمت بجسمٍ ضخم صلبٍ وحقود ، ما أن رفعت ناظريها حتى احتكتّا بعيون بائع الخبز الحاقد ،
توترت الاخرى وقد تعّرف عليها مباشرة ، ولكنها لم تستطع ترك الطفلة طريحة الارض فدنت منها معانقة إياها بخوف ،
ظهر الكره على ملامح البائع السمين وراح الشرار يتطاير من عينيه وهو يخرج سوطاً اسود من الجلد القوي ،
- جرذان المقابر أمثالهم فاليذهبوا للجحيم ، سئمتُ سرقتكم لي كُل يوم !
وسط شعور الجميع بالشفقة كان قد بدأ بالأنهيال بالضرب على الفتاتين بالصوت ، إلا أن ذات العيون الخضراء المميزة ،
كانت أكثر من يتلقى الضرب محاولةً منها كي لا تؤذي الطفلة اكثر ، الدماء تتطاير من يديها اللتين اخذتا اكبر جرعة من الضرب ،
في حين اغمضت عينيها بخوف حينما اقترب منهما وراح يركلهما بقدمه بلا رحمة ، كان قد أخرج سكيناً حينما ادرك عدم قدرتهما على الحركة ،
قربّت الطفلة منها وهي تحتضنها واغمضت عينيها بانتظار النهاية ، إلا ان حرارة ما مرّت من جانبها وصوت صراخ قد صمّ أذنيها ،
حينما فتحت عينيها كان البائع يحترق بنيرانٍ حمراء مهيبة ، حتى تحول أمام ناظريها للرماد !
كانت المرة الاولى التي ترى فيها شخصاً يموت امام عينيها ، ارتعبت بشدة من هذا القاتل ذي الدم البارد ،
فالتفتت للخلف لتجد الرجل من الامس ينظر اليها بابتسامة خبيثة تحمل نوعاً من الهدوء الغريب ! ،
اتسعت عيناها اكثر حينما شاهدت أكبر ابناء ساتان – كازو – يقف بجانب الرجل العجيب ،
تقدم منها الرجل وساعدها على الوقوف ، ريثما هي في طور الصدمة لا تزال عالقة ،
كيف تمكن من قتله والأن يبتسم بهدوء ؟ كيف فعلها ؟! اهو تجسيدٌ للشر بعينه ؟!
- ما أسمك ايتها الفتاة ؟!
وكأنما ادركت للتو كونه يمسح جراحها بمنديله الخاص الابيض المطلخ بالدماء ، ويبتسم لها بحنانٍ غريب ،
كانت مجرد مراهقة في سنّ الخامسة عشر ، ولكنها .. احست بقرع طبول قلبها في تلك اللحظة وهي تتأمل ملامحه ،
بدون أن تشعر اجابته بأبهام :
- سكارليت فقط
توقف للحظات متسّع الحدقتين ، وقد وقف باعتدال فظهر فرق الطول بينهما ، شعر بالحزن عليها ،
وقف يتأمل عينيها الخضراوتين ، شعرها الاحمر وملامحها الناعمة ، شعر بشعورٍ غريب تجاهله في تلك اللحظة ،
ولكنه ابتسم على حين غرّة وامسك بخصلاتٍ من شعرها وهو يردد بتوردِ الوجنتين :
- سكارليت ! سكارليت آندريسون سيكون اسمك !
اتسعّت حدقتاها بشيءٍ من الصدمة والسرور ، فهبت رياحٌ حركت شعرها وشعره اغمضت عينيها لقوتها ،
ما أن فتحتهما و تصادمت عينها الخضراء بعينه الذهبية حتى وقعت اسيرة في شباكه .. للأبد !






الوقت الحالي
لا تعلم لما كانت تتذكر تلك الأيام القديمة ، ولكنها ادركت فقط كونها في غرفة الاجتماعات الخاصة ،
تجلس على كرسيها المجاور لكرسيّ آيـآمي التي كانت هالة سوداء تحيط بها وملامحُ مرعبة تعلو وجهها ،
شعرت بقليلٍ من التوتر لكونها بجانبها في هذه اللحظات ، ولكنها وجدت نفسها محاطة بهالة بهيجة سعيدة ،
والجو من حولها يتلألأ بشكلٍ لطيف ، كانت سكارليت من أرضِ السعادة مقارنة بآيـآمي من ارضِ التعاسة ! ،
كان ساتان يقفُ بهيبته امامهم ، منتظراً الذين تأخروا عن الحضور للإجتماع رغم اوامره الصارمة ،
خلال ثوانٍ كان كلٌ من آراشي و آيريس يركضان بسرعة مرعبة وملامح متوترة ليصلا للغرفة ،
علقا عند الباب حينما حاولا الدخول سويةً في نفس الوقت ، ركل كلٌ منهما الاخر ولكن هذا لم يفّك الازمة ،
ظهر عرقُ الغضب على وجه ساتان الذي بانت السعادة حينما وقفت آيـآمي تربت على كتفه بهدوء:
- والدي ، القرود لا تعرف لغة الشياطين ، اتركما يتجادلان حول القمل في رأسهما !
شعر ساتان بالفخر في تلك اللحظة وعانق آيـآمي بقوة كبيرة مردداً بسعادة :
- اجل اجل هذه ابنتي الرائعة ! كم أنا فخور !
هالتها السوداء المحيطة بجسدها و الملامح المرعبة المرتسمة عليها لم توافقا الكلام الذي قالته له قبيل لحظات ،
ركلةٌ قوية من قبلِ وافدٍ جديد قد ادخلت العالقين في عراكٍ ضد الباب إلى الغرفة ،
دلف بوسامته المعتادة ، شعره الاسود وعيناه الحمراواتان المائلتان للزهري بعض الشيء ،
تنهد يحكّ شعره بانزعاج شديد :
- يا لهما من غبيين ، مثيران للمشاكل ! انتما عارٌ على العائلة !
التفتت ساتان صوب الجدار حالما شاهده ، محاولاً إخفاء ازدرائه منه وعرق الغضب الواضح على وجهه ،
حالما انتبه الوافد على آيـآمي واقفة بتلك الوضعية المرعبة حتى تلألأ الجو من حوله بسعادة ،
في لحظة كان واقفاً بجانبها يقربها منه من كتفها ويقرب رأسه من رأسها ، :
- يال جمالك اليوم كذلك يا والدتي ، تريدين الذهاب في موعدٍ معي ؟!
حدجته بنظرة ذئابٍ حادة زادت من تلألأ الجو من حوله ، امسكت بأنفه بقوة وهي تردد منفعلة:
- فينيكس ، بحق الجحيم اين كنتَ بالأمس ؟! قتلتك مليون مرة على الأقل في خيالي !
لم تتغير ملامحه المبتسمة الهادئة التي تحمل الكثير من الهيبة ، امسك بيد والدته وابعدها قليلاً يقبلها و يقول :
- حسناً يا أمي الجميلة ، كنتُ ذاهباً صوب الضاحية الجنوبية كيّ ادمر وكر " الفالتوس " كما امر جد .. اقصد ساتان – ساما !
احالت عيونها المرعبة صوب ساتان الذي ابتسم ببراءة شديدة متجاهلاً الموضوع :
- عزيزتي آيـآمي ، تعلمين أن ابنك يجب أن يخرج بين الفينة والاخرى !
كان قد شدد على كلمة إبنّك بشكلٍ مرعب وظلٌ اسود يستولي على ملامحه تدريجياً ،
تنهدت آيـآمي وهي تعقب على كلام والدها بسطلة غريبة و رعبٍ دفين :
- كفّ عن محاولاتك في التخلص منه ! انه ابني انت تعلم !!
ظهر الازدراء على وجه ساتان الذي زفر بحدة وأشار لهم بالجلوس ، كان ينظر صوب سكارليت المتوترة ،
اقترب منها وهو يهمس في اذنها بخبثٍ مرعب :
- تقصين شعر ماري من جهة وتصبغين الجهة الاخرى بلونٍ اخضر مقزز ؟! ستنالين العقاب لاحقاً
ازداد توترها في تلك اللحظة ، عادت آيـآمي للجلوس بقربها فقربت كرسيها منها وتعلقت بيدها بشكلٍ مرعب ،
لم يتبقى إلا كازو وكاريو اللذين تأخرا اكثر من اللازم مما اثار سخط ساتان عليهما اكثر ،
ولكنهما دخلا بعد دقيقة يأكلان السكاكر بجوٍ يتلألأ سعاداً وبوجوهٍ متصنمة لا تمد للسعادة بصلة ،
جلسا على كرسيهما فتنهد ساتان وكاد يبدأ الكلام لولا أن شاهد آيـآمي متجهة ناحية الباب بغضب تريد الخروج ،
توقفت مصدومة حالما أوصد الباب من تلقاء نفسه ، ظهرت قطرات العرق على وجهها متوترة وهي تلتفت صوب ساتان ،
الذي ابتسم بحنانٍ دافئ وظلٌ اسود نفى اي نية جيدة قد ظهر على وجهه :
- إلى اين انتِ ذاهبة ؟!
ازداد توترها اكثر فعادت مُكرهة على كرسيها تجلس واضعة قدماً على الاخرى و فينيكس من بعيد يرمقها بإعجاب ،
بدأ ساتان يتحدث وقد تحولت وجوه الجميع للجدّية ، إلا آراشي و آيريس اللذين بديا منتبهين ولكن ..
من تحت الطاولة كانا يقرصان بعضهما ، يحرقان بعضهما بالنيران ، يدوسان اقدام بعضهما ،
معركة حامية كانت تدور أسفل تلك الطاولة المستديرة الضخمة ، لم ينتبه احدٌ عليهما إلا ساتان ،
الذي رمقهما للحظات بنوعٍ من الحقد الذي ارعب كل الحاقدين ، ولكنهما لم ينتبها فلم يكن من ساتان إلا التوقف عن الكلام ،
ومن ثم التوجه اليهما ، امسك برأسِ كلٍ منهما وضربه بالآخر بقوة ، ظهر الملل على وجوه الجميع ،
فالروتين اليومي يتكرر مجدداً ، آراشي و آيريس يحاولان قتل بعضهما بكل عنف ثم يأتي ساتان ويعذبهما اشد التعذيب ،
انشغل الجميع بهوايته في تلك اللحظة متجاهلاً ما يحدث للأثنين في تلك الناحية ، كازو و كاريو يأكلان الحلوى ،
تشيتوسي اخرج خريطةً وبدأ يعّلم اماكن الاعداء الجديدة ، جيراهيم فتح كتاباً يقرؤه ،
فينيكس قد اخرج كراسة وقلماً وبدأ يرسم والدته بحبٍ وإعجاب شديدين ،
هيرو أخرج سيوفه وراح يقلبها مغازلاً إياها ، دانتاليون اخرج دمى تلبس على اليد وبدأ يختلق مسرحية ما ،
آيـآمي ما كان منها إلا أن تخرج هاتفها المحمول وتتصل برقمٍ ما وتبدأ الحديث ، سكارليت الجالسة في مكانها
بابتسامة بلهاء ، والورود تتفح من حولها من السعادة الغريبة التي تغمرها ، ولكنها نسيت بأن حاسة سمعها حادة ،
فبدأت تسمع ما يدور بين آيـآمي والمتصل المجهول واصوات صراخ آراشي و آيريس تعمّ المكان ! :
- ما تزال في غمار الحرب التافهة ؟! متى ستعودُ اذاً ؟!
اجابها المتصل بحب وشوق كبيرين وهو يقطع رأسه احد الاعداء ويحدثها في نفس الوقت :
- حبيبتي من اجلك سأعود بسرعة البرق ، اتوق لأحضانك الدافئة
توردت وجنتاها بخجلٍ كبير ، وتغير صوتها قليلاً وهي ترد عليه بخجل :
- لا تبدأ ايها المنحرف ، انتبه على القتل حالياً ، اريدك ان تأتيني مغطاً بالدماء !
ضحك المتصل وهو يقطع الاجساد والدماء تتناثر عليه بشكلٍ زاد وسامته الطاغية ثم اجاب :
- طلباتك آوامر اميرتي الجميلة ، سأفعل أي شيء تريدينه ، اوه لحظة سأقتلع قلب ذلك الابله ..
كانت سكارليت تتراقص خجلاً والجو من حولها قد تغطّى بكل انواع الزهور وهي تسمع غزل المتصل في آيـآمي ،
التفتت آيـآمي اليها فتعجبت من هذا الشكل الغبي في اهتزازها بخجل وكأنما الكلام موجه اليها !
- آسف عزيزتي ولكن الاغبياء اضطروني لتقطيع رؤوسهم واجسادهم واقتلاع اعينهم من محاجرها !
تنهدت آيـآمي بملل وهي تلعب بخصلات شعرها بشكلٍ غريب وتجيب بهدوء :
- هيا اكمل الحرب باندورا ، سأكون بانتظارك !
حياها ومن ثم اغلق الخط لتلتفت آيـآمي وتتناثر دماء آيريس عليها ، تنهدت ونظرت لسكارليت الذائبة من الخجل ،
ثم شعرت بالملل إلا ان اقتلاع والدها لجزءٍ كبير من جلدِ آراشي قد حمسّها للحرب الدائرة هنا ،






في النهاية قام ساتان بتأجيل الإجتماع لوقتٍ لاحق وطلب من الجميع الخروج حتى يتسنى له إكمل تعذيب الابلهين ،
شعرتْ سكارليت بالملل حالما خرجت ولكنها شاهدت كازو واقفاً في الممر بنفس خفوت الروح في جسده ،
فجأة واتتها فكرة مجنونة حتى تقضي الوقت بها فاتجهت صوب كازو متحمسة ووقفت امامه ترمقه بعيون بريئة خادعة ،
لم يثر أي حركة ولم يبدو حياً اصلاً ، فما كان من عرق الشياطين فيها إلا ان استيقظت وبدأت تجّر وجنتيه بسعادة ،
اكملت جرّها وهي متحمسة ومتفاجئة من نعومة ملمس بشرته ، كانت تعجن وجنتيه وهو بلا مشاعر أو اهتمام ،
من تفاجئ وصُدم كانت آيـآمي التي سقط هاتفها من يدها وهي ترمق سكارليت بغير تصديق لما تفعله :
- ما الذي تفعلينه ؟!
التفتت سكارليت لآيـآمي بسعادة مطلقة وهي تردد متحمسة :
- آيـآمي ! وجنتا كازو ناعمتان ومطاطيتان كالأطفال ! احببتهما !
لم تصدق آيـآمي ما قالته سكارليت ولكن وجنتيها توردتا وهي تقترب وتجّر وجنته كنوعٍ من التجربة ،
الازهار تفتحت من حولِ آيـآمي التي اعجبها الموضوع ورآحت تجّر وجنتيه بسعادة ،
سكارليت انتقلت لشعرِ كازو وهي تلمسه بفجاءة كبيرة لكونه بهذه النعومة ، اردفت بحماس :
- كازو ! شعرك ناعمٌ جداً ! ظننته شائكاً !!
ازداد تورد عينيّ آيـآمي فانتقلت تلمس شعر كازو بحماس مخبوء داخلها ، رغم انها كانت تبتسم كطفلٍ اكتشف كنزاً في حديقة منزله ،
لمعتْ عينا سكارليت بخبث في تلك اللحظة ، ابعدت آيـآمي ونظرت ناحيتها بلمعة غريبة في عينيها ورددت :
- آيـآمي .. ما رأيك ان نستكشف باقي جسده ؟ كعضلاته مثلاً ؟!
لمع الجو حول آيـآمي التي هزت رأسها بالإيجاب ، التفت سكارليت صوب كازو ونزعت قميصه الابيض ،
فظهرت عضلاته التي جعلت سكارليت تصرخ من الحماسة والاعجاب الشديدين بها ،
بدأت تلمسها كما فعلت آيـآمي ببعض التردد ، في لحظة لم تشعر فيها آيـآمي ابتعدت سكارليت ،
واخرجت هاتفها المحمول وصورت آيـآمي وهي تعانق كازو بقوة متحمسة لكونه بلا مشاعر ،
لم تكن آيـآمي تدرك بأن سكارليت تخطط لأمرٍ مرعب ... بشكلٍ لا يتوقعه احد !
فكرة أخرى لمعت في رأس سكارليت التي جلست عند أقدام كازو ، نظرت اليها آيـآمي بعينين ضيقتين وقالت :
- ما الذي تفعلينه ؟!
ظهرت سكارليت من أرض السعادة فجأة وهي تجيب شابكة يديها وعيناها تلمعان بشكلٍ مرعب
- قال لي دان بأن هناك وشماً غريباً على احدى قدميّ كازو ، ما رأيك أن نزيل سرواله لنراه ؟!
احمّر وجه آيـآمي وبدأت ترتجف و سكارليت تحاول إزالة السروال ، بدون أن تشعر كانت قد تمسكت بكازو بقوة تركل سكارليت محاولة إنقاذه من خططها الغبية ،
ما منع سكارليت في تلك اللحظات من إكمال خطتها هو خروج كلٍ من آيريس و آراشي زاحفين من الغرفة ،
في نفس اللحظة عاد كازو لكونه كازو المعهود ، حالما وجد نفسه واقفاً وآيـآمي متعلقة تضع يدها على عضلات صدره ،
حتى احمّر وجهه تماماً وادرك المصيبة التي كان فيها ، جسده كله اصبح احمرَ اللون ولم يعرف كيف يتصرف ،
فما كان منه إلا أن تظاهر بأنه لا يزال غير مدركٍ لما يحدث هنا !
خلال ثوانٍ كانت سكارليت قد جرت ناحية آراشي و آيـآمي ذهبت لتساعد آيريس على الوقوف ،
حالهما كان مزرياً بحق ، فآيريس محطم الاضلع و محروق اليدين وبعض الملامح من جسده اختفت ،
آراشي قد تم انتزاع نصف الجلد الموجود على جسده و حرقت يداه وكُسرت رجلاه تماماً ،
استغل كازو لحظات الغفلة هذه ففر بهدوء من ساحة المكان التي كان فيها ضحية لفتاتين مرعبتين ،
بعدما تمّ نقلُ كلٍ من آيريس وآراشي للعناية المركزة في القصر حتى استغلت سكارليت الوضع واخذت هاتف آراشي ،
قامت بإرسال الصورة التي التقطتها لهاتف باندورا الذي كان وسط المعركة يقتل الاعداء !







فُتح باب القصر الرئيسي بعد عدة ساعاتٍ مما حدث بشكلٍ مدوي ارعب قلوب الجميع ،
وإذا بباندورا يسير بين الأروقة وهالة حمراء من الغضب تحيط بجسده ، عيونه الحمراء البراقة كانت حاقدة ،
شاهدته سكارليت يسير بحقده صوب غرفة آيـآمي فما كان منها إلا ان رقصت سعيدة جداً وهي تدور في حلقات مرددة :
- ستحدثُ امورٌ ممتعة الان !
المفاجئة كانت في آيريس الذي خرج من غرفة العناية بعكازٍ يساعده على السير ،
وحالما شاهد سعادة سكارليت المطلقة حتى تعجب مما تخطط له ، انتبهت لوجوده من ناحية اخرى ،
وكأنما هي قد نسيت كل شيء ، كل شيء في ناظريها قد محي وكأنما لم يحدث وقد اتضح ذلك حالما عانقته بقوة مرددة :
- آيريس سوف يحدث شجارٌ كبير حماسيّ ! سوف يكون جميلاً جداً !!
كان مصدوماً مما فعلته ، كذلك اصبحت هيّ حينما ادركت معانقتها القوية له ، اختفت ملامح السعادة
وتلاشى كل شعورٍ من عينيها وقسماتها ، إلا الحزن الطاغي ، والندم القاتل على قسمات آيريس ،
عمّ الصمت وكلٌ منهما ينزفُ قلبه بموتٍ صامت يستميل ارواحمها لحيث الهلاك الاكيد !
جلّ ما استطاعت ان تدركه في تلك اللحظة هو صوت الصفعة المدوية التي حلّت على وجنة آيـآمي ،
شعرت بالفزع والحماس في نفس الوقت فأزمعت صوب الغرفة لتسترق النظر لما يجري داخلها ،
وإذا بباندورا يلهث من سرعة تنفسه وقد احمّر وجهه قليلاً من الغضب ، أما آيـآمي فتنظر اليه بصدمة وإنكار ،
صرخ بها بعدها بغضبٍ كاسر :
- كيف تفعلين هذا ؟! هل انتِ تكذبين علي ؟!
كانت الدموع قد تجمعت في عينيها وقد حاولت أن تكبتها من السقوط ، فكيف يفعل بها هذا الشيء ؟!
لم تقصد خيانته ، بل كانت تستمع وحسب مازحة ، طأطأت رأسها للحظات ولكن سرعان ما قهقهت بشكلٍ هسيتري ،
ملامحها قد اصبحت جنونية وهي تركل باندورا بقوة كبيرة وتصرخ مدافعة :
- اكذب عليك ؟! وهل تظن بأني كنت لأكذب عليك وانجب طفلاً منك أيها اللعين ؟! كنت امزح مع كازو وحسب !!
اتسعت حدقتاه بعض الشيء حالما رأى لمعة الثقة في عينيها ، انزل رأسها قليلاً ومن ثم راح يفكر بالسبب الذي يدفع آراشي لمحاولة التفريق بينهما !
لمعت عيناه فجأة بغضبٍ اكبر من سابقه وهو يحرك يديه تجاه الباب فانفتح وظهرت سكارليت المختفية خلفه ،
اشار بيده فاندفعت لداخل الغرفة حتى انتصبت امامه واقفة بخوفٍ كبير ، الشرارات الحاقدة تخرج من عينيه وهو ينوي تحطيم عظامها بكل الشّر في نفسه ،
حالما مدّ يده حتى وقفت آيـآمي أمامها مدافعة عنها :
- توقف باندورا ، أنتَ تعرف سكارليت ، لم تكن تنوي شراً وهذا اكيد !!
توقف للحظة لينزاح الغضب من عينيه ، رمش عدة مرات ومن ثمّ شهق بقوة قائلاً :
- يا الهي سكارليت ، انا آسفٌ حقاً لما كدت افعله ! الغضب كان يعميني !
تنهدت آيـآمي واثر الصفعة القوية لا يزال على وجهها بادياً بشكلٍ واضح ، حينها بدأت ذكرياتُ قديمة تتدفق لعقل سكارليت التي خرجت من الغرفة تترنح من الندم على ما فعلته ،







قبل 340 عاماً

انتشلها من تلك الحياة الموبوءة التي كانت تعيشها ، اعطاها اسماً ، اعطاها دفئاً وجلبها لقصر الملك بحد ذاته ! ،
لم تدرك بأنها قد وقعت في شراكه إلا بعد اكثر من عشر سنوات من مكوثها هنا ، محاطة بعدة اشخاص اعلى مستوىً منها ،
اعلى شأناً ولكنهم جميعاً يحبونها كفردٍ من العائلة ، حتى الملك ساتان نفسه الذي يرعبها اكثر من أي شيء قد تقبلها !
تسير هي بخطواتٍ هادئة في ممرات القصر الواسعة ذات الانارة الضعيفة ، ترمق اللوحات المعلقة بإعجابٍ واضح ،
ولكن لوحة ما انتبهت عليها للتو قد اوقفتها ، لتتسع عيناها بشكلٍ مفزع للمرائي وتبدأ بالإرتجاف ،
تلك الفتاة شقراء الشعر ، ذات الملامح الحادة ، عيناها الحمراوتان البراقتان والقلادة الذهبية التي تريديها ،
شبيه ساتان ، هي تعرف هذه الفتاة ! هي قد حفظتها عن ظهر قلب وتاقت كي تلتقي بها على مرّ السنوات ! ،
سرعان ما وجدت نفسها تركض .. و تركض .. حتى توقفت عند غرفة ساتان ، طرقت الباب طرقتين .. ثلاث ،
ولكن لا إجابة ، عرفت بأنه ليس هنا فزادَ ذلك من سرعة نبضات قلبها ، عليها أن تعرف من تكون تلك الفتاة !!
عليها أن تلتقي بها ، فكرت بذلك وهي تشّد الضغط على القلادة الذهبية التي توسطت نحرها ، دائرية الشكل وفيها فتحات كالشبكة ،
في جوفها حجرٌ ارجوانيٌ داكن ، يملع بشكلٍ يأسر القلوب والأبصار ، هذه القلادة التي أُعطيت لها من قبل نفس الفتاة من قبل ،
كل مشاعرها تجمدت ، وعيناها انبلجتا برعبٍ لا يمكن تصوره ، حضوره خلفها فقط .. قد جعلها مذعورة
ازدردت ريقها بصعوبة تلتفت للخلف ببطء فتتقابل عيناها مع عينيه ذات النظرات الغليظة ،
ينحني بقليل من الاحترام ويردد بنظراته الحادة المرعبة :
- سكارليت – ساما ، إن كنتِ تريدين ساتان – ساما فهو ليس هنا حالياً !
يداها ترتجفان بخوفٍ لا يمكن حصره منه ، هي تخشى ماهوتي ! كبير خدم قصر ساتان .. تخشاه اكثر من ساتان نفسه !
فكلما رأته تذكرت تلك النيران .. عيناه الصفراوتان البراقتان .. وجثتان ممزقتان اسفل قدميه وقلبان داميان بين يديه ! ،
هزت رأسها وحاولت أن تفّر ، ولكنها اردات إستجماع شجاعتها فالتفتت إليه قائلة بتوتر :
- مـ .. ماهوتي .. مـ .. من تكون تـ .. تلك الفتاة في الصـ .. الصورة على الجدار ؟!
رمش ماهوتي عدة مراتٍ محاولاً إستيعاب الامر ، سرعان ما تذكر اللوحة وأبتسم بحنان ابعد الذعر قليلاً عن قلبها :
- اوه تقصدين تلك اللوحة ؟! تلك لوحة رسمها ساتان – ساما لأبنته الوحيدة آيـآمي – ساما !
اتسعت عيناها بصدمة عارمة ، وكأنما هي قد نست خوفها منه كلياً فانفعلت قائلة بصراخ :
- وأين يمكنني أن اجدها ؟!
اتخذ ماهوتي وضعية التفكير العميق ، اغمض عينيه ومن ثم اجاب بإبهام :
- مرت عشرون عاماً على وجودك هنا ! آيـآمي – ساما لم تعد لمرة للآن ! في الواقع لا اعلم ولا احد يعلم حتى ساتان – ساما نفسه ، فآيـآمي – ساما تتنقل بين العوالم بشكلٍ متكرر وسريع لسببٍ مجهول !
ظهرت الخيبة على ملامحها فطأطأت رأسها وراحت تسير بحزنٍ ارتسم على وجهها ، ارادت ان تلتقيها مهما كلف الأمر ،
تلك التي انقذت حياتها ، وابتسمت في وجهها لأول مرة وأعطتها اسمها الاول .. سكارليت !
تنهدت بإستسلام لهذه الحال ، فهي تاقت للقياها منذ الازل ، ولكنها لم تستطع ذلك .. للآن ،
خرجت لحديقة القصر تبثّ همومها للازهار المنتشرة ، حتى وقفت عن زهرة السوسن البرية فائقة الجمال ،
كان الصمت سيد المكان ، حتى اقعت على الارض جالسة ترمق الفراغ بغير إدراك ،
لم ترى تلك الصخرة النارية الهائلة التي كانت تتجه صوبها بلا هوادة ، حينما ادركتها كانت قريبة جداً ،
ادركت أن حياتها ستنتهي في تلك اللحظة بالذات فأغمضت عينيها بكره للنهاية التامة ،
إلا أنها سمعت صوت تحطم تلك الصخرة لأشلاء ، فاشتعلت النيران على الأرض منها ،
فتحت عينيها ببطء فترائى لناظريها انعكاس اللون الذهبي لشعر الفتاة امامها ، التفتت صوبها بابتسامة هادئة ،
ثم اردفت زاجرة بعنفٍ وهيبة هزت كيان سكارليت :
- عليكِ ان تنتبهي لما يحدث من حولك ما دمتِ تعيشين في هذا القصر مع اخوتي المجانين .. سكارليت !
هي تتذكرها ! هي حقاً تتذكر من تكون ! لقد نادتها بإسمها ، الفتاة التي تاقت للقائها واقفة امامها .. تبتسم بشيطنة مرعبة !
 
 




مرت فترةٌ طويلة منذ آخر زيارة له لقصر ساتان الذي رباه كأحد ابنائه ، ابتسم بهدوء ولون عينيه الفريد يلمع على انعكاس ضوء القمر عليها ،
انحنى حراس البوابة له حينما هلّم بالدخول ، راح يعبر الحديقة الضخمة بهدوء مبتسماً بشوقٍ للأيام التي قضاها هنا برفقة سيسيليا ،
ولكنه توقف حينما رأى آيريس يركض خائفاً فزعاً من شيءٍ ما ، انتبه على وجوده والده فازداد بكاؤه واتجه صوبه يطلب الامان ،
ارتمى في احضانه ليتحجّر كونتلس الذي لم يتوقع أن يفعل ابنه هذا مطلقاً
- والدي ، انقذني من براثن ذلك الوحش !
قالها ببكاءٍ مرير وهو يستشعر قوة كازو الهائلة والوحشية خلفه ، وضع كونتلس يديه على كتفيّ آيريس ونظر صوب كازو ،
توقف كازو الذي كان شعره يتطاير من الغضب وقد اختفت عيناه في حمرة شيطانية مرعبة ، ابتسم كونتلس بحنان وردد :
- مرت فترة طويلة كازو – ساما ، تغيرت حقاً !
تغيرت الهالة حول كازو للحظات لهالة من الهدوء والسكينة ، ابتسم وصافح كونتلس وهو يردد بابتسامة هادئة :
- حقاً مرت فترة طويلة كونتلس ! والدي سيكون فرحاً بلقياك جداً !
تلاشت ابتسامة كونتلس وهو ينظر لآيريس بهيبة مرعبة ، كازو قد اكمل كلامه بنفس الطريقة المرعبة :
- والأن سلّم الجرذ الذي يختبأ بين ذراعيك !
ابتسامة سخرية اعتلت وجه كونتلس وهو يحمل آيريس من ياقة ملابسه ويرفعه لما فوق مستواه ويردد :
- اتقصد هذا السنجاب الاحمق ؟! تفضل وافعل به ما تشاء !
القاه على الارض بجانب قدميّ كازو الذي كان يطرق بأصابعه متوعداً الجرذ الجاثيّ امامه ،
كونتلس اكمل سيره كيّ يدخل القصر وجلّ ما سمعه هو صرخات آيريس المتألمة وكلامه الموجه اليه :
- اكرهك ايها اللعين !! لن اسامحك يا عديم الضمير !!
دلف كونتلس للقصر بهيبة ووقار متجهاً لحيث هي غرفة ساتان الخاصة ، ساتان بمثابة الوالد الذي ربّى كونتلس لفترة طويلة جداً ،
فهو لم يكن يعرف اباه بشكلٍ جيد ، كل ما يتذكره كون والده قوياً جداً وسيء السمعة بشكل لا يمكن تصوره ،
وقف امام الباب فطرقه ، سمع صوت الاذن ففتحه ودخل إلى الغرفة :
- مرحباً يا والدي .. اوه اقصد ساتان – ساما !
ساتان الذي كان يحمل جرّة زجاجية بين يديه معطياً لكونتلس ظهره قد سقطت الجرة من بين يديه وتحطمت وهو يلتفت بصدمة لكونتلس ،
للحظات شعر كونتلس بالخوف إلا ان ساتان اقترب منه بابتسامة وتورد وجنتين غريب وغير اعتيادي رؤيته على ساتان ،
ضم يديه وقال سعيداً وبحنان :
- لم اكن بهذه السعادة إلا مرتين في حياتي وحسب ، المرة الاولى كانت حينما نادتني آيـآمي بـ أبي لأول مرة والثانية حينما تناديني انت بوالدي !!
تفاجئ كونتلس من هذا الكلام الخارج من فاه ساتان نفسه ، رمش عدة مرات بإستغرابٍ شديد ثم فزع حينما التفت ساتان للخلف ،
واُحيط جسده بهالة سوداء وراح يشدخ الجدار بأظافرة قائلاً بشكلٍ محبط ومنحوس :
- لو انك ابني وحسب ، لكنتُ قد تلخصتُ من حفنة الاغبياء الذين لدي ، كنتُ لاكتفي بك وبآيـآمي وكازو وحسب !
ضحك كونتلس على ما قاله ساتان بطريقة لطيفة ، ومن ثم تحولت ملامحه للهيبة المعتادة واستند على الجدار المقابل مكتّفاً يديه وقائلاً :
- ابنة سيدورس ، لم اتوقع ان تجعلها تعيش في القصر !
عاد ساتان لبروده المعتاد ، يشخص بصره لكونتلس ذي الملامح الميتة ، ضاقت عيناه مجيباً بنبرة ملكية :
- تلك الفتاة تستحق حياةُ رغيدة ، ما حلّ بها كان كافياً !
ضاقت عينا كونتلس اكثر ، تنهد وارخى عضلاته بإستناده على الجدار ، اطرق السمع للصمت الذي حلّ فجأة
وإذا بساتان يقترب منه ويضع بين يديه زجاجة شفافة تحتوي سائلاً ازرق صافي ، تفاجئ كونتلس ونظر لساتان المبتسم بصدمة ،
- هذا هو الترياق الذي سيشفي اوكتيفيا تماماً من علة ضعفها ، اعطها جرعة بسيطة كل يوم لحين انتهاء الزجاجة !
تحشرجت الكلمات في صدر كونتلس ، شعر بالخنقة والخجل من ساتان الذي يكون في مقام والده ، هو يعتني به حتى وهو في هذا العمر ! ،
- لا اعلم كيف اشكرك يا والدي ، حقاً أنا ممتن لك !
ابتسامة حنونة اعتلت وجه ساتان الذي استطاع وبدون أي شيء أن يروض احد اشرس نبلاء الشياطين بين يديه ،
سرعان ما التفت ساتان صوب النافذة الواسعة ليتسرق نظرة فيجد كازو خانقاً آيريس بكل ما اوتي من القوة ،
تلاشت ابتسامته ريثما يحملق في الفراغ ، بخطواتٍ ثاوية اختار أن يلفظ الكلمة رغم صعوبتها :
- ابنك لا يزال يحبها ، وهي لا تزال تحبه رغم محاولاتها البائسة في إقناع نفسها بحب آراشي !
اغمض كونتلس عينيه ، اختلى بنفسه في رحم الظلمة لثوانٍ حتى رد ناطقاً ببرود :
- حالما تنتهي المشكلة سأعيدها له ، لن ارحم أبني من السعادة التي يصبو اليها !
شعر ساتان بالراحة لحديث كونتلس هذا ، رغم ان الهواجس تهاجم قلبه إلا انه فضل دحضها للوقت الحالي ،
فتلك الفتاة لن تقدر على إحتمال الحقيقة التي تخفيها في جسدها والتي استطاعت آيـآمي وحسب ان تقمعها تماماً ،


تجلس على الكرسي المجاور لفراش آراشي الذي يرمقها بحبٍ كبير ، يتلاعب بخصلات شعرها بأنامله ويضع اليد الاخرى على وجنته ،
خجلة هي ونبض قلبها يتسارع كلما تلاقت عيناها مع عينه ، هي تحبه ، تعرف هذا ! ولكن هناك حباً لآيريس يرفض الموت ،
- قطتي المشاكسة هادئة هذا يومٌ يجب ان يسجل في التاريخ
ما الذي يقصده بهذا الكلام ؟ هل اهانها للتو لكونها مزعجة ؟! ، نفخت خديها بطفولية تظهر له الغضب الحتمي ،
ضحكّ عليها وربت على رأسها كالأطفال فشعرت بالسعادة وارتمت في احضانه ليصرخ متألماً من الجروح التي حصل عليها ،
شُفي آيريس بسرعة بفضل الشراب الذي اعطاه إياه كازو ، أما آراشي فقد فضل الموت على شرب شيءٍ من اخيه الخائن ،
- فيما تفكر ؟!
نطقت بها تسكب كأساً من الماء لآراشي ، سلمته إياه وعادت للجلوس على الكرسي مجدداً ،
تجرّع الكأس كاملاً في رشفة واحدة اراد بها إسكات السؤال من قلبه ، ابتسم في وجهها مرة اخرى ثم ردد بهدوء
- كثيرٌ من الامور تشغل بالي قطتي ، لستُ احبذ الحديث عنها كلها !
هي تعلم بأنه من الصعب عليه ان يكون منفتحاً مع احد ، حتى معها هي فالتكتم صفةٌ فيه لا يستطيع نسيانها ،
زفّر بشدة ففاجئه دخول آيـآمي بعدها ، وفودها لغرفته جعله يحمّر سعادةُ ويردد بحماس وتلألأ أجواء :
- تشيبي – شان أتت لزيارتي ، يال حظي من شخصٍ منحوس !
ضحكت آيـآمي التي وقف فينيكس خلفها يرمق سكارليت بحقدٍ دفين ، اقتربت من آراشي وجلست على طرف فراشه ،
مدت له زجاجة تحتوي سائلاَ شفافاً ورددت بهدوء :
- فالتشربه آراشي ، سيفيدك في الشفاء بسرعة !
بدأ آراشي يبكي بسعادة لا تماثلها سعادة ، اخذ الزجاجة وشربها دفعة واحدة ثم عانق آيـآمي بقوة وهو يبكي من الفرحة ،
أشار فينيكس على سكارليت فخرجت برفقته ، وقبيلما أن تدرك شيئاً كان قد طوقها عند الجدار ،
يرنو في عينيها بملامح غاضبة جداً حينما صرّح بما يعتمل في جوفه :
- محاولتك القذرة في التفريق بين والديّ قد اغضبتني سكارليت ! هل تريدين مني أن اقتلك ؟!
توترت وبان الخوف على وجهها جليّاً ، تنظر يمنة وتارة يسرة محاولة إيجاد اي عذرٍ للتملص منه ،
ولكن غضبه اشتّد من توترها وصرخ بها مزمجراً :
- لما فعلتي ذلك ؟! مجرد مزحة ؟! ام من اجل ملئ ذلك الفراغ داخلك ؟! مهما كان السبب فتفريق الآخرين عملٌ قذر ومنحط !!
تجمعت الدموع عد مجفليها ، تريد الهروب لأنها لم تقصد فعل ذلك ، بل ربما قصدتها وارادت بها تخريب حياة من تحبها كذلك ،
ادرك فينيكس خوفها ، اغمض عينيه وحررها من التطويق والتفت ليجد والدته امام عينيه ترمقه بغضب ،
احتّل البرود ملامحه ، دلّك رقبته قليلاً ومن ثم سار تاركاً إياها برفقة سكارليت ،
ظهرت لمعة الحزن على عينيّ آيـآمي التي تقدمت من سكارليت وعانقتها بهدوء لتدفن الاخيرة رأسها في حضنها وتشهق بالبكاء ،
ربتت آيـآمي على رأس سكارليت بشكلٍ رقيق وهي تحدثها قائلة بهدوء :
- أعلم بأنكِ تشعرين بالفراغ لما يحدث لكِ ، أنت لا تزالين تحبين ذلك السنجاب الوسيم ! ولكنكِ لا تستطيعين التخلي عن آراشي بعدما تعلق قلبك به !
كلامها صحيح ، كل ما تنطق به صحيح ولا غبار عليه ولكن ما الذي يمكنها أن تفعله ؟!
هي لا قوة لها في أحتمال أن تجرح الآخرين إلا اذا ارادت ان تجرحهم عمداً وهذا طبع معظم الشياطين ،
وقفت فترة طويلة تدفن نفسها في أحضان آيـآمي ، غير راغبة بأن ترى نهاية هذا الامر الذي طغى على كيانها اجمع ،


قبل فترة مجهولة !
الموقع : مدينة سول فاكريس
صمتٌ لا يبشر إلا باللعنة على ارواح الضائعين ، في قصرٍ هو متحفٍ لكثرة ما اختفى في جوفه من التحف واللوحات ،
كان يسير في دوائر مغلقة ، يعض اصبعه قلقاً وخائفاً لمصير زوجته في اعماق الغرفة ،
حيثٌ يمكنه سماع انينها ، صراخها والشعور بألمها ، طفله الموعود يأبى الخروج للنور والوقت يداهمه ،
القمر اليوم تشبّع باللون الازرق ، ظاهرةٌ تحدث كل عشرة آلالاف عام ، لن يضيع فرصة إحلال العذاب على الارواح ،
ولكن زوجته صمتت منذ ساعات ، لا اثر لحياتها أو لحياة أطفال ، كل شيء يدور من حوله في دوامات ،
لحين صدع صوت بكائها في كل الأرجاء ، الطفلة المبشرة قد خرجت للنور بعد عذاب ،
فتح الباب على مصراعيه ، ازمع لحيث زوجته تحمل الطفلة بحنانٍ وحب لا يمكن حصره ، وقف يلهث يرمق تلك الطفلة خضراء العيون ،
ادرك روعة حظه فهي شكله قد ورثت ، تنهد وانتشلها من بين يدي والدتها ليخرج بها والاخيرة تصرخ بحسرة ،
تبكي وتحاول الوقوف لمنعه ولكنه يأبى الكلام معها ، تترنح وتتعثر لتسقط على الارض ،
تساعدها خادماتها على الوقوف فتدفعهّن بحب الأم لطفلتها وتقاوم آلالام الولادة التي لا تزال موجودة ،
ولكن لا حول لها كيّ تلحق بخطواته السريعة الخارجة من القصر ، استندت على الجدار برجلين ترتجفان ،
تبكي وتشهق وتصرخ من أعماق جوارحها :
- سيدورس ! لا تفعل ! لا تجعل طفلتنا حلقة للأنتقام !!!
ولكن سيدورس هذا لم يرد ان يسمع ، فهو قد غرق في حلقة الأنتقام تلك من سنوات ، يريد الثأر !
وسيناله على الرغم من انوف الجميع ! ،
وقف في حديقة القصر الميتة ، اشجارها السوداء العاجفة ، سماءٌ حمراء وقمر اكتسى الزرقة ! ،
مذبحٌ توسط بركة مياه سوداء ، بلل قدميه بالمياه سائراً فيها ونعيق الغرباء من حوله لم يتوقف ،
وضع الطفلة على المذبح واخرج سكيناً جرح بها رسغه وجعل الدماء تنسكب على الطفلة بغزارة ،
لم تتوقف الطفلة عن البكاء وكأنما هي تدرك المصير البشع الذي ينتظرها ،
بدون رحمة هوى بالسكين فطعنها في قلبها مباشرةً لتتدفق الدماء ويبدأ صوتها يبّح من الالم ،
رفعها للسماء بيديه وهو يردد عباراتٍ بلغةٍ قديمة غير مفهومة ، وإذا بنورِ القمرِ إزداد زرقة ،
دخانٌ اسود بدى كسيلٍ من الغربان يطفو في السماء ، وبسرعة مهيبة تحرك صوب الطفلة المجروحة ،
وإذا به يدخل من الجرح في قلبها ويحتّل جسداً هو الضعف بعينه من المخلوقات ،
شُفي الجرح ، وتوقف بكاء الطفلة وغطت في نومٍ عميقٍ مشؤوم ، احتضنها بقوة كبيرة يقبل يديها الصغيرتين ،
- لأجل الهدف الذي ولدتي من اجله يا صغيرتي ، لا أسم في هذا العالم يليق بجمالك !
احتضنها مجدداً بقوة و زوجته على ركبتيها جاثية تضم يديها قرب قلبها وتشهق بحرارة دموعٍ لم يشهد لها احدٌ من مثيل ،




آيـآمي ، مشاعرها المتضاربة ، المرتقبة ، التي تحملق في ذلك الصندوق الزجاجي ،
عبره اتضح خنجرٌ فضي يلمع بهالة زرقاء مشؤومة ، وضعت يدها على فمها تفكر فيما اختفى خلف هذا اللمعان ،
استطاعت استنباط الحقيقة .. سكارليت !
لم ترد الإعتراف بهذا الامر ولكن ما هي تخشاه على وشك أن يحدث ، وإن حدث فلا طريقة إلا لقتل تلك الفتاة ،
تمددت الظلال على جوانب الغرفة ومنها خرج فينيكس مكشّراً يحمل تعابير الرعب على وجهه ،
وقف أمام والدته ، انحى احتراماً وتقدم منها يرنو للخنجر بنفس القلق :
- أمي ، لستُ ابغي الشّر ولكن الظلال مضطربة ، الظلمة فيها تخبو بخفوتٍ مهيب !
ضاقت عيناها ، هزت رأسها بالإيجاب ومن ثم اغمضت عينيها تفّكر بعمق مجدداً ،
تقدم هو منها ووقف بجانبها ينظر لذلك الخنجر بتوترٍ غريب ، اعاد النظر لآيـآمي الهادئة بهيبة معتادة ،
ازدرد ريقه ثم اردف بنوعٍ من التزمت :
- أمي ، هل تتوقعين أن يقوم آيريس بـ ..
حدجته بنظرة حادة ارعبته وجعلته يجثّي على ركبته إحتراماً لها ، تنهدت بهدوء وهي تعقب ببرود :
- فينيكس ، حدث والدك بهذا ، ودعه يأتي لملاقاتي لاحقاً ، لا اريد اتخاذ قراراً مثل هذا دونه !
اظهر فينيكس الانصياع ، قفز للخلف فاختفى في الظلال مجدداً ، التفتت آيـآمي وخرجت من الغرفة المختومة بغير اهتمام ،
في طريقها عبر ممرات القصر صادفت كونتلس خارجاً فشعرت بنوعٍ من الغصة وحاولت تفاديه إلا انه انتبه اليها ،
توترت ملامحه وظهر الأضطرات عليها وكأنما هو اراد تحاشي لقياها كذلك ، ابتسم ابتسامة صفراء وحياها بدون رغبة :
- مرحباً آيـآمي - ساما ، مرت فترة طويلة !
ظهر بعض الاندهاش على وجهها ، طأطأت برأسها قليلاً وهي ترد بخفيض الشعور :
- مرحباً كونتلس ، اجل مرت فترة طويلة !
ادرك بأنها لا تريد النظر في وجهه من الخجل ، فظهرت أبتسامة حنونة على وجهه واتجه ناحيتها وامسك بذقنها ورفع وجهها ناحيته ،
لم يرد فعل ذلك ، ولكن على هذا التحاشي بينهما أن يختفي عاجلاً أم آجلاً ! ،
- لا يجب عليكِ أن تطأطأي رأسك آيـآمي – ساما ، أنتهى ذلك الزمن منذ دهور !
ضاقت عيناها بكره عميقٍ لنفسها ، اشاحت بوجهها بانزعاج ومن ثم اردفت بقبضة مرتجفة من الغضب :
- تنوي الغربان صيد الجثث حينما تختفي منها الأرواح ، وانا كغراب الموت لستُ مختلفة !
ملامح كونتلس المعتادة عادت للظهور ، وهالة الهيبة المخيفة احاطت جسده ، التفت خارجاً وهو ينطق بتكّبر :
- لستُ ارى جثة هنا غيرك يا أميرة الظلام ، التوق لسفك الدماء هو عضالٍ فيكِ بلا علاج !
قهقهت بشيطانية على كلماته ، التفت اليه بشرارة حمراء في عينيها وابتسامة مرعبة :
- ولستُ اراكَ يا شبح البياض إلا محور الدمار في عالم الاحياء ، اخبو ببريقك فليس هذا وقت الأقتتال !
ابتسامة هادئة اعتلت ثغره ، اشاح بوجهه فظهرت عيناه الحزينتين فاردف بهمسٍ خارجاً من القصر :
- وكم من المراتِ كنتِ فيها الشخصَ الذي مات ؟!
قحطٌ غريب تشعر به آتٍ من منطقة المقابر التي احتوت ارواح الحقد الخالدة ، عرفت هذا الشعور بالتلاشي كما ادركه كونتلس للتو ! ،
اكملت سيرها حتى انتصبت أمام غرفة آيريس فدلفتها ، وجدته يتألم على فراشه يحاول أن يضّمد جراحه التي سببها له كازو ،
اغلقت الباب بقوة فانتفض مرتعباً من ملامحها الباردة الميتة ، اكملت سيرها بخطواتٍ وتيرة حتى وصلت اليه ،
لم يخفى خوفه منها في تلك اللحظة عليها ، بحركة خاطفة امسكت به من رقبته ودفعته بقوة على الجدار تحاول خنقه بأقوى ما اوتيت ،
تعجب من عينيها الميتتين وهي تقترب من وجهه شيئاً فشيئاً حتى اقتربت من اذنه فهمست بعبارةٍ ما جعلته يهدأ تماماً ،
اظهر ملامح اللا مبالاة كذلك واغمض عينيه بزفيرٍ حادٍ مكروب ، ابتعدت عن اذنه وحملقت لفترة في ملامحه حتى فتح عينيه بلهيبٍ مشتعل ،
رفعت احد حاجبيها للحظة فابتسمت بهدوء وتركت رقبته ثم ابتعدت بضعة خطواتٍ تحدثه بابتسامة غامضة المفهوم :
- ارى بأن الشعور في جوفك قد ولى في زمن الغائبين ، تنوي النكث بالعهدِ أم ماذا ؟!
اعتلت ثغره ابتسامة الشياطين وتلك الضمادات تتدلى من جسده بشكلٍ عشوائي كاشفة عن عضلاته أمامها ،
- لستُ بناكثِ العهد ولو انتزعوا الحياة من الوريد ، اترين لي بالخائن من مقال ؟!
قالها بثقة لا تهز ، فهو يدرك تماماً أن ما تريده اعز اصدقائه امامه هو امرٌ مختلف عن ملامح وجهها ! ،
اتسعت ابتسامتها وهي ترد عليه تتلاعب بخصلات شعرها الذهبية :
- لظى لهيب حياتي قد انطفئ أمام سعير احلام امثالك ، فلو كنت خائناً لما سُميتُ أنا بالغراب حاصد الارواح !
تفجر بالضحك عليها حتى تألم من أثر جراحه وشدة ضحكته ، تقد خطواتٍ منها وارخى رأسه على كتفها وردد بغضب :
- سنكون معاً في هذا أيتها الاميرة ، سنكون من ينهي لعنة القدماء في ارواح الضعفاء !
ابتسامة صفراءُ كاذبة كانت كل ما ظهر من ملامحها وهي تجيبه مربتة على رأسه :
- اعرف هذا ايها الحاصد الاسود ، سنعود لغمار الدمار مجدداً في قريب الزمان !


تتقلبُ بشكلٍ احمق على فراشها من شعور الملل الذي يتملك جسدها في هذه اللحظات ،
هذا الفراغ الذي احتّل مشاعرها وجعلها عبدة للغباء والترقب لحصولِ ما يغيره لشيءٍ ممتع ،
ولكنها لا تزال لا تعرف ما الذي يجب أن تفعله ، فهذا الشعورُ وحسب يكفيها القرون الاتية وما بعدها ،
رددت ببلاهة تقول لنفسها :
- آرشي محطم العظام وبعدما شفي ذهب لجثثه ، آيـآمي مشغولة بأمرٍ ما تحيط بها الهيبة المرعبة التي تخيفني ، ساتان – ساما حاقدٌ علي ، ماهوتي لا يمكنني التلاعب به ، الاخوة الباقون منهمكون في الأعمال ، حتى ماري لديها ما تفعله ! لما حياتي صعبة لهذه الدرجة ؟!
فُتح باب غرفتها فجأة ، فرفعت رأسها الذي كان مدفوناً في الوسادة بملل لتجد ماري واقفة امامها بابتسامة نصرٍ غبية ،
استغرقها الامر دقيقة لتدرك الشيء المختلف فيها ، فقفزت بسرعة خرقاء من فراشها تصرخ في وجه ماري بصدمة :
- ما الذي فعلتيه بتحفتي الفنية ؟!! كيف اعدتي شعرك لوضعه الطبيعي ؟!
تلألأ الجو من حولِ ماري بنجوم انتصار وتكبر بلهاء ، وراحت ترقص مستمتعة بنظرات الصدمة على وجه سكارليت ،
الاخيرة قد اخفى شعرها ملامحها الغاضبة ، واُحيط جسدها بهالة سوداء غير طبيعية ، اختفت عدستا عينيها فجأة ،
واستطالت انيابها وهي تصرخ حتى تصدّع الجدار وشهقت ماري مرعوبة ، عادت لطبيعتها خلال ثوانٍ ،
غير مدركة لما قد فعلته للتو ، شعرت بالرعب من نفسها وهي تردد مستنكرة :
- ما الذي حدث لي بحق الجحيم ؟!
احسّت بلذغة مؤلمة على يدها فرفعتها بسرعة تنظر إلى كفها بذهول ، علامةٌ غريبة ظهرت فجأة عليها ،
علامة الابدية !!
قطبت حاجبيها ، استنكرت الوضع فهي لم ترسمها على يدها كما تتذكر ، قررت تجاهل الوضع للوقت الحالي ،
جابت بالها فكرة مجنونة ، هي تعلم بأن نتائجها قد تكون قاتلة ولكن الملل لا يرحم مطلقاً ،
ابتسمت بخبث وركلت ماري بقوة فسقطت الاخيرة على الارض ، فكرت في إفتراء كذبة على آيـآمي ،
تريد ان تعلم كيف سيتصرف ساتان تجاه خيانة ما من ابنته المحبوبة ؟!
ازمعت بسرعة خارجة من غرفتها تبتسم وتقفز بسعادة متجهة للبهو العظيم حيث يقضي فيه ساتان هذا الوقت من اليوم ،
وصلت بعد مدة قصيرة ووجدته جالساً يقرؤ كتاباً ما بتعمق وملامحه وجهه لم تبشر بالخير مطلقاً !
ارتجفت كورقة شجر تواجه الريح ولكنها استجمعت شجاعتها وقفزت امام ناظريه تقول ببلاهة :
- ساتان – ساما ! لدي خبرٌ لن تصدقه !! سوف يعجبك لا محال !
اقفل ساتان الكتاب بقوة كبيرة والشرارات تتطاير من عينيه ، نظر اليها بغضبٍ واجاب بنية قتل واضحة :
- من الافضل أن يكون خبراً يستحق مقاطعة وقتي لأجله !!
ظلٌ ازرق من الخوف احتل وجهها وقد بدأت تتعرق أمام هذا الجبروت المرعب ، ازدردت ريقها بصعوبة ،
وهي تشعر بالكلمات تغص في حلقها ، هل ستكون بخير إن اكتشف انها تكذب ؟!
استجمعت بعض شجاعتها المهدرة واخدت نفساً عميقاً وساتان يستند بيده على الكرسي ويضعه كفه على وجنته ،
نطقت بانفعال شديد :
- آيـآمي قد ذهبت لسجن هالكوم !! قالت بأنها تريد اكتشافه ! وقد عادت منذ لحظات !!
لحظات من السكون الغريب عمّت ، وهي تغمض عينيها بقوة خشية أن يقتلها ، ولكن الصمت اربكها ففتحتها وكانت صدمتها ،
الفزع كان واضحاً على ملامح ساتان وقد وقف مصدوماً غير مصدق ،
سرعان ما احاطت بجسده هالة حمراء مدمرة وقد تحولت ملامحه للوحة من الرعب المميت ،
صرخ بقوة كبيرة لاعناً امراً ما وقد تصدعت الجدران واهتز القصر كاملاً عن بكرة ابيه ،
خلال لحظات تجمع الجميع خائفين متوترين مرتبكين ، اكثرهم رعباً كانت سكارليت التي ادركت خطأها الفادح ،
آيـآمي التي كانت تلهث من خوفها على والدها قد تقدمت منه تحت محاولات سكارليت لمنعها ،
- ما الامر يا والدي ؟! هل انتَ بخير ؟!
قالتها بخوفٍ شديد عليه ، فهي لم تره غاضباً هكذا من قبل ! ،
ولكن تحت صدمة الجميع لنظراته الحاقدة تجاهها كان قد اقترب وصفعها بقوة زلزلت كيانها وكيان الجميع ،
ادميت شفتاها وإذا به يمسكها من رقبتها ويلقيها بقوة كبيرة على الجدار فتصدع ،
- امي !!!
صرخ بها فينيكس مرعوباً مما يفعله جده الذي اقترب مجدداً من آيـآمي وحملها مجدداً من رقبتها مثباً إياها على الجدار ،
كانت تنظر اليه بدهشة تمسك بيديه محاولة فكّ اسرها منه إلا أنه كان قوياً بشكل لا يمكن تصوره ،
شدّ الضغط على رقبتها وسط صدمة الجميع وعجزهم عن التحرك من الجو الثقيل الذي احدثه غضب ساتان ،
صرخ ساتان فجأة بكلماته فأرعبهم اكثر :
- خيانة كهذه تفعلينها ؟! وانا من وثقت بكِ اكثر من غيرك ؟!!!
اتسعت حدقتاها بتعجبٍ مرير وصداعٍ احتّل رأسها فمنعها من التفكير ، كل ما استطاعت قوله كان :
- ما الذي تقصده ؟! اي خيانة ؟!
ازداد غضبه ، هو يثق بكلام سكارليت لهذا غضبَ مباشرة ، لأن لا احد في هذا العالم سيجرؤ على الكذب عليه ،
بدأت آيـآمي تفقد الوعيّ تدريجياً وهي ترى الدموع المتجمعة في مجفل عينيّ سكارليت المصدومة ،
تقدم كازو مرعوباً يدافع بقوة :
- والدي ، مهما كانت الخيانة فأيآمي لن تقوم بها !! أنت تعلم هذا !!
حدجه بنظرة اخرسته تماماً من الخوف ، ريثما تقدم باندورا غاضباً وامسك بيدي والده يردد بترجٍ و قلق :
- والدي ، هل تظن بأن آيـآمي ستفعل هذه الخيانة التي تتحدث عنها ؟! هي لن تفعل هذا لانها تحبك اكثر من اي شخصٍ آخر !
رفع ساتان حاجبيه وهو ينظر باتجاه سكارليت ويردد بوعيدٍ شديد :
- ولكن امراً كهذا لن يكون كذباً ! بل لن يجرؤ احدٌ على الكذب فيه ! فسجن هالكوم امرٌ محرم على الشياطين !
علامات الفزع ظهرت على وجوه جميع ابناء ساتان و فيهم آيريس حالما ذكر هذا السجن الملعون ، طأطأوا جميعاً برؤوسهم مرعوبين ،
لم تفهم سكارليت السبب ، هي تعلم بأن هذا السجن محرم ذكره على لسان الشياطين ولكنها لم تتوقع هذا الرعب عند ذكره ،
خاصةً من ابناء ساتان نفسهم !!
تمالك باندورا اعصابه وهو ينظر لآيـآمي التي احتّل البرود وجهها وفقدت الرغبة في المقاومة ،
شرارة حمراء ظهرت في عينها اليمنى ريثما الاخرى غطتها خصلات شعرها ،
- سجن هالكوم اذاً ؟! للأسف لم تحط قدماي ذلك المكان إلا قبل 600 عام حينما كنتُ معك !
اتسعت حدقتا عينيّ ساتان بلعنٍ ووعيد تجاه سكارليت ، ترك آيـآمي والتفت اليها فخرجت سلاسل من الارض حوطتها ،
بدأت تضغط على جسدها بقوة وهو يصرخ في وجهها جاراً شعرها :
- تجرؤين على اختلاق الاكاذيب بسبب الملل ؟! تكذبين عليّ ؟! بأفظع كذبة يمكن ان يكذبها احدٌ عليّ ؟! اتعتبرين ثقي بكلماتكِ شيئاً رخيصاً ؟!
في تلك اللحظة شعرت سكارليت بالموت المحتوم امام ناظريها والجميع ينظر اليها عاجزاً عن فعل شيء لمساعدتها ،
شعرت بأنها ستلفظ آخر انفاسها لذا رددت بضعفٍ وبكاء :
- أنا آسفة ! انا حقاً آسفة !
تحركت آيـآمي بنفس البرود المهيب واللا مبالاة المعتادة فاحتضنت ساتان من الخلف بهدوء ناطقة بهمسٍ لم يسمعه سواه :
- أنتَ تعلم جيداً ما يفعله الملل ابي ، سامحها هذه المرة ، إن اردت تعذيب احدٍ ما فاليكن أنا ! انا التي لم اعتني بها كما يجب !
هدأ سخط ساتان وعادت عيناه زرقاوتان هادئتان ، اختفت سلاسله فسقطت سكارليت على الارض خائفة غير مصدقة ،
التفت ساتان ينظر لآيـآمي التي تركته بندمٍ على ما فعله بها ، تنهد وقال بصيغةِ أمر :
- اخرجوا جميعاً ، لا اريد رؤية وجوهكم !
استمع الجميع لما قالته ساتان وخرجوا ولا يزال الرعب الذي تنفسوه في الجو عائماً ،


عدة أيامٍ مرت منذ تلك الحادثة التي سببها ملل سكارليت على الجميع ، شعرت بتأنيب الضمير ولم تستطع مواجهة آيـآمي التي كانت ترمقها بحقدٍ طوال الوقت ،
خرجت من غرفتها وهي تشعر بحرارة تلدغ فيها من تلك العلامة التي ظهرت على كفها ، ذكرياتٌ لا تريد تذكرها تعودُ لمخيلتها ،
زفرت الهواء بحدة ترمق الحديقة الهادئة بحزنٍ عميق ، انتبهت لوجودِ شخصٍ ما في الحديقة فالتفتت ،
وقعت عينها عليه جالساً على شرفة من شرف القصر في الطابق الثاني ، ينظر صوب خطِ الأفق بهدوء ،
حبها الاول التي تريد قتله بأقصى ما اوتيت من قوة ، ولكن عينيه الذهبيتان تأبى تحريرها من قيودها ،
انتبه عليها فنظر اليها وابتسم بحنانٍ جعل قلبها يقفز خارج جسدها ، احمّر وجهها وابتعدت مسرعة عن هذا المكان ،
لا تريد أن تخون آراشي ،فهي تحبه كذلك ولا تريد ان تجرحه كما جربت هي من قبل ان يجرحها أحبّ الناس اليها ،
ففي ذلك اليوم طعنها آيريس بسيفه في صدرها ، ناظراً لها بعينين ميتتين مصرحاً بكذب مشاعره تجاهها ،
توغلت في الغابة التي خارج القصر دون أن تدرك الامر ، هي لا تعرف ملامح الغابة جيداً لذا بلا شك قد ضلت الطريق ! ،
بدأ الخوف يتسرب شيئاً فشيئاً لقلبها ، الجو بارد والخوف زاد البرودة فبدأت ترتجف تضم نفسها بفزع ،
بدأت تسمع اصوات ضحكاتِ اطفال ، وقع اقدام وتشعر بعيونٍ تراقبها من بعيد ،
تكفيها هذه المخاوف ، حاولت التحرك إلا ان جسدها شّل تماماً بفعل الظلام ، نظرت للأسفل فرأت انعكاس ظلها ،
واذا بعينين حمراوتين تلمعان فيه وابتسامة مرعبة تظهر ، شعرت لوهلة بأن ظلها حيّ ! ان له ارادة !
فبدأت بالبكاء لا شعورياً وهي تحيط رأسها متذكرة احداثاً قديمة جداً منذ أن قتل والديها لحين قتلها لمجموعة الاطفال تلك ! ،




قبل اكثر من 500 عام ،
مدينة سول فاكريس
تأججت النيران من حولها فإذا بالحياة تخبو وتختفي تدريجياً ،
وقعُ الظلال على الجدران اراها طريقة موتِ الخدم في القصر بلا سببٍ واضح ،
واذا بالبدر في الخارج قرمزيٌ بلا ملامح او مشاعر ، لم تفقه الصغيرة إلا لأصواتِ الفزع والخوف وحسب ! ،
حينما وقف بهيبة متفردة امام والديها ، بعينين صفراوتين براقة و شعرٍ اسود فحميّ كالظلام ،
ناداه والديها بكبير خدم ساتان ، لم تعرف معنى هذا الكلام ، لكن كل ما تفقه اليه هو تحريره إياها من السلاسل التي تكبلها كالعبيد ،
كان تستند على الجدار من الخوف والدماء تتناثر على وجهها من شتى البقاء ، ترتجف لأنها لا تريد أن تموت الان ،
هجم والدها على ماهوتي الواقف بلا حراك أو مشاعر ، واذا به تفادى ضربته بحركة واحدة و انتزع رأسه وقلبه بحركة اخرى سريعة ،
امها التي شعرت بالغضب اخرجت وتداً حاداً فولاذياً وهاجمت ماهوتي الذي انتزع قلبها بسرعة خيالية فسقطت صريعة على الارض ،
رمق ماهوتي الطفلة البكاءة ببرود جعل الجو من حولها يتجمد رغم النيران ، ولكنها بدون أن تشعر قد كسرت النافذة ،
وهرعت هاربة من اجل حياتها ، ماهوتي الذي تنهد من الملل لم يكن يريد ملاحقة طفلة في هذا الوقت المتأخر ،
لذا قرر ترك امرها لوقتٍ لاحق ، فخرج من القصر وتركه يتحرق ويتأجج بالنيران ، والطفلة وحسب كانت .. تريد النجاة !


بعد عشرِ سنوات
تشردت الطفلة تحومُ بين الخراب وبقايا المنازل باحثة عن الدفء ، تبحث عن خيطٍ يدعى ..الحياة !
ولكنها فقط لا تقوى على السير اكثر ، او ربما ما كانت لتصل لهذه المرحلة دون اصدقائها الذي يحيطون بها ،
خمسة همّ ، هي واربعة آخرون ، احبتهم من اعماق قلبها واتخذتهم عائلة تحميها من كل الشرور ،
هم مثلها ، بلا اهل ، بلا وطن ، وبلا نسب ! شعرت بالإنتماءِ لهم ، رغم كونها الوحيدة التي لا تحمل اسماً ،
إلا انها وجدت هويتها معهم ، المنزل والحياة معهم هم ! هؤلاء الاربعة ! كنوزها الغالية النفيسة !
في ليلة كان الهلال فيها في بدايته ،جميعهم تحت ستار السماء ينامون ، يتخذون النجوم امهاتهم والقمر والدهم ،
السماء غطائهم والعراء ملاذهم ، متهجولون في مناطق لا تمد للحياة بصلة ،
ولكنهم اغضبوها ، كانوا يحاولون المزاح معها ولكنهم حقاً اغضبوها ، سامحتهم وكانت ستخلد للنوم ،
لولا انعكاس ظلها على وقع تراقص لهيب النيران الخاصة بمخيمهم ، ذلك الظلّ الحيّ ،
عينان حمراوتان تخترقانه ، ابتسامة بيضاء شاحبة تنذر بالموت الاكيد ، راح ذلك الظل يحادثها بخفوت :
- اتحبينهم ؟!
- اجل بالطبع !
- تريدين منهم العيش ؟!
- هذا اكيد ، فهم عائلتي !
- ولكن هذا غير مسموح ! عليهم ان يموتوا !
- مـ .. ماذا ؟!
- هذه مهمتنا .. مهمتي ومهمتك !
- لا افهم ما تحاول قوله !
- علينا قتلهم !
تضخم الظل فجأة واحتوى سكارليت داخله ، واذا به يتحكم بجسدها وكأنما هو ملكه ،
استيقظ الاطفال على وقع اتساع النيران فأحاطتهم ، سكارليت قد حملت احد السيوف التي يحملونها للدفاع عن النفس ،
بعيون خالية من العدستين ، فقط البياض وابتسامة شاحبة كالأموات ،
قطعت رأس احدهم تارة ، واقتلعت قلباً تارة ، وتارة ثالثة احرقت اجسادهم احياء والدماء تغطيها بضحكِ اشباحٍ جنوني !
حالما انتهى الامر واختفى الظل من عروقها ، استعادت سكارليت وعيها لترى ما اقترفته يداها ،
بدأت تصرخ بهستيرية منكرة لما تراه ، كيف امكنها فعل هذا الشيء لهم ؟! هي قتلتهم ؟!
ولكن الظل من خلفها يقهقه برغبة تامة في أحتلال الاجساد ، احاطها كذلك بالنيران فلم تتمكن من الهرب ،
هي تبكي ، تصرخ ، تحاول الفرار ، تشعر بثقل الذنب وسط النيران ، مشاعرٌ مختلطة ، المٌ لا يحتمل ،
انقض الظل على سكارليت بسرعة رمشة العين ، فأذا بخنجرٍ فضي يخترقُ الظل الذي نزف دماً اسود ،
دخل الظل الفضي من فم سكارليت لجوفها ، ثم كادت الصغيرة تفقد وعيها لولا إمساكُ شخصٍ ما لها ،
فتحت عينيها لتجدها امامها ، عيونٌ زرقاءُ ماسية ، شعر ذهبي ، وابتسامة حانية على ثغرها ،
- لا تقلقي ، لن يعودَ ذلك الظل مجدداً لأذيتك !
اظهرت تلك الفتاة طاقة خضراء احاطت جسد الطفلة واذا بها تستعيد كل قواها ، ولكنها دون ان تقول شيئاً بدأت تصرخ ،
تبكي بقوة ، وتحيط رأسها بيديها ، فهي قد قتلت عائلتها ! دمرت سعادتها بيديها ! كيف امكنها فعل ذلك ؟!
اقتربت منها الفتاة الاخرى وعانقها بقوة وهي تربت على رأسها و الصغيرة تبكي بحرقة :
- لا عليكِ ، لا عليكِ ، لم يكن خطأك ، بل هو خطأ ذلك الظل !
هي لا تصدق هذا حرفياً ولكن نبرة صوت هذه الفتاة اراحت جزءاً منها ، فرددت بهدوء :
- اريد الرحيل عن هذا المكان !
آيـآمي التي تدرك هوية هذه الطفلة قررت اخذها للقصر فقالت لها بهدوء :
- ستأتين معي !
اتسعت حدقتا الطفلة بإنكار ، هي لا تريد الذهاب لتعيش في بيتٍ ما ! تريد البقاء في العراء !!
- كلا ! لا اريد !! اريد ان اكون حرة !!
آيـآمي لا تحب المجادلة ، او ارغام احدٍ ما على اتباع اوامرها ، فأغلقت عينيها وقالت بابتسامة :
- ما أسمك ايتها الصغيرة ؟!
بدى التوتر جلياً على تلك الطفلة ، اشاحت بناظريها عن آيـآمي واجابت :
- لا اسم لدي !
ضاقت عينا آيـآمي اكثر بلمعة من الحزن ، سرعان ما ابتسمت وهي تنظر لشعرها قائلة :
- سكارليت ! هو لون شعرك القرمزي ، يناسبكِ كثيراً !
اتسعت حدقتا الطفلة بدهشة ، واذا بوجنتيها تتوردان بشدة ! ، ابتسمت وقد تجمعت الدموع في عينيها وقالت :
- سكارليت ؟! اسمٌ جميل !
قررت آيـآمي ترك تلك الطفلة حرة كما ارادت ، ولكنها اعطتها قلادة ذهبية وطلبت منها ان ترتديها ،
فهذه القلادة ستساعدها على ايجادها حينما تريد ذلك ،
ثم اختفت آيـآمي في جنح الليل ، دون ان تعرف تلك الطفلة من تكون هي ، او لما اتت لإنقاذها ، !


الوقت الحالي
تلهث بحدقتين خاويتين من أي تعبير ، الوجل وحسب يستولي على كل ذرة في جسدها ،
التوق الغريب كي تشعر بحرارة الدماء على جسدها والكيان الذي يحيطها بالظلام فيغشي بصرها ،
تصورات .. خيالات ومسامع من اصواتٍ شبحية ، الجفاف وخلو الجسد من الدماء كان تصوير حالتها الان ،
اغمضت عينيها ، تريد ان تقنع نفسها بأن هذا حلمٌ لا محال ! لا تريد أن تكون اداة للتدمير كما الشياطين من حولها ،
ولكن الظل من خلفها ابى الانصياع واذا بقواه تخترق جلد سكارليت بتتابع الذئاب ،
صرخت حتى افزعت كل غربان الغابة السوداء ، فطاروا من اعشاشهم ينعقون بأسم حاصد الارواح ،
لم تستطع أن تقاوم قوة هذا الظل الذي بدأ يحتّل كيانها بكل اندفاع و جبروت فما كان منها إلا ان انصاعت لضعفها ،
مقلتاها اختفتا ، بياض عينها كان الوحيد المتبقي ، تسلل اللون الابيض لبعض خصلاتها الحمراء ،
وبرز النابان الساغبان لسفك الدماء ، طالت اظافرها وإلى الاسود استحالت كما الظلام ،
واذا بابتسامة الظل الشاحبة تظهر على فمها الشيطاني البسّام ، !
ارتفعت في الهواء حتى علت كل الاشجار ، فأخذت نفساً عميقاً لتخرجه بصرخة هزت الارض وزلزتها زلزلة مرعبة ، !
تلك الصرخة سمعها كلُ من في عالم الشياطين ، صرخة كانت كأنذار الدمار الاكيد !
علم ساتان الوضع وبانفعال تحرك صوب الباب ، فوجد آيـآمي بالأنتظار ، تعجب من هذا فنظرت له بغضب ،
وشراراتٌ حمراء تتطاير من عينيها بتواتر مهيب ، علّم ساتان مقصدها فقال ببرود :
- سأصنع الحاجز وأنتِ و آيريس وحسب اذهبا لإيقافها !
هزت رأسها بهدوء فوجدت آيريس يمسك بنفس الخنجر الذي تمسك به الأن ، ابتسمت وامسك بيده وخرجت من القصر بسرعة ،
ولكنها توقف تنادي بصوتٍ عال :
- فينيكس تعال إلى هنا في الحال ، سأكون بحاجة لقوتك في الميدان !
ظهر فينيكس من بين الظلال ، بعينين خاليتان من أي حياة ، تحمسّت آيـآمي واسرعت برفقة الاثنين لحيث الغابة ،
فوجدوا سكارليت بتلك الحالة المرعبة ، ارتبك الجميع فأي خطأ سيودي بحياتها حتى دون ضرورة ! ،
نظرت آيـآمي لآيريس المتوتر ذي المشاعر المختلطة ، هو اقسم بقتلها إن احتّل الظل جسدها ولكنه الان غير قادر على الحراك ،
- أيها الحاصد الاسود ، إن لم تقدر على القتال فتراجع وانا اتكفل بهذه المعضلة !
الديجور المحيط بآيـآمي كان اساس الظلام ، ظلمتها ومهابتها كانت كشؤم الغربان لهذا هم ينادونها بغراب الموت !
- لن اتراجع ، سأنقذ روحها من لعنة احلتها بها يدٌ باطشة الكيان !!
هزت رأسها بتفهم ، اشخصت ناظرها لفينيكس فعرف ما تريده ، وقف معتدلاً ممداً يديه الواحدة فوق الاخرى ،
ضوءٌ ابيض ظهر حوله وذراتٌ جليدية في الاجواء ، واذا بالطقاقة تتمدد تدريجياً ببطء والظلال من حوله تتراقص بارتباك ،
تحركت آيـآمي بسرعة كبيرة فلكمت سكارليت على حين غرة اسقطتها ارضاً لتتألم وتصرخ بقوة ،
عادت للأرض وهبت مرة أخرى لمهاجمتها ولكن سكارليت صدتها باستخدام دوامة سوداء من الظلال ! ،
تراجعت آيـآمي ، أخرج آيريس منجله وتحول المكان في ناظريه للرمادي ، تحرك بسرعة خاطفة كي يهاجم سكارليت ،
استطاع جرحها وتناثرت دمائها على وجهه ولكنها ركلته بقوة على معدته فتراجع والظلال تحاول اختراق جسده ،
ارتفعت سكارليت قليلاً في الهواء مرة اخرى فمدت يدها صوبهم واذا بالأشجار السوداء تتمدد مهاجمة إياهم بأغصانها ،
تفادوا حركات الاغصان القوية برشاقة رغم الجروح التي حصلوا عليها من السرعة الفائقة لها ،
قربت سكارليت يديها من بعضها البعض ، فتجمعت طاقة حمراء خيطية رمتها بقوة ناحيتهم ،
كادت تصيب آيريس الذي دفعته آيـآمي بعيداً لترتطم تلك الكرة بالأرض فيحصل إنفجارٌ عظيم شوه ملامح الغابة بأسرها ،
ولكن من حيث لم تحتسب سكارليت بدأت مكعباتٌ بيضاء شفافة تحيط بها بطبقاتٍ متتالية ،
شعرت بالضعفِ فجأة واذا بها تنظر لفينيكس الذي تنبعث منه تلك الطاقة الهائلة ، ابتسمت آيـآمي وآيريس شعر ببعض الامل اخيراً ،
بدأت سكارليت تظهر دوامة ضخمة من الطاقة السوداء محاولة تدمير المكعبات ولكن تلك الطاقة كانت تدور في محيط المكعب وحسب ! ،
ودون ان تعرف لماذا كانت آيـآمي قد طعنتها في صدرها من الأمام ، وقد فعل آيريس المثل من الخلف ،
لمع الخنجران مع بعضهما البعض واتحدا كي يقتلا الظل داخل سكارليت ولكن ما حصل لم يكن بالحسبان ،
انفجرت طاقة حمراء اختلطت مع السوداء فدفعت آيـآمي وآيريس بعيداً ليسقطا على الارض متألمين ،
وقفت سكارليت تحيط رأسها بيديها وتصرخ من الالم وكرة هائلة نصفها اسود والآخر احمر من الطاقة تحيط بجسدها ،
والخنجران يلمعان بضوءٍ ابيض يخترقان صدرها ، كانت تقاوم بأقوى ما يمكنها ولكن سيطرة الظل قوية ولا تقاوم بسهولة !!
تقدم فينيكس منها حاملاً كرة صغيرة جداً بيضاء وداخلها تلتمع ذراتٌ بيضاء غريبة ، فغرس يده داخل جسده محرراً طاقة الكرة داخلها ،
بدأت تصرخ اكثر والدماء تخرج من عينيها وفمها وكامل جسدها ، كانت تقاوم بكل ما يمكنها !
ضاقت عينا آيـآمي بألم ريثما آيريس لم يتحمل هذا المنظر فما كان منه إلا أن ركض أليها وعانقها بقوة وهي تضربه ويداها تخترقان جسده ،
صرخ بقوة قائلاً :
- لا تستسلمي ! سكارليت ! ارجوكِ عودي الي !! انا قد كذبتُ ذلك اليوم !! انا احبكِ أيتها البلهاء !!
توقف كل شيء ، الطاقة قد تجمدت في الهواء و عينا سكارليت قد عادتا طبيعيتين وهما ترتجفان بقوة ،
- ما الذي قلته ؟!
قالتها بضعف ، فأذا به يصرخ مجدداً :
- احبك ! احبك اكثر من اي شيء !!
تجمعت الدموع في عينيها ، واذا بها تصرخ فجأة من الالم الذي حل بها والطاقتان قد اندمجتا مسببتين انفجاراً عظيماً ،
تلاشى الظل الذي صدعت صرخاته في ذلك الانفجار من جسدها ، فحالما عاد الوضع طبيعياً تهاوى جسدها في الهواء ،
امسك آيريس بها معانقاً إياها بقوة خائفاً من أن يفقدها ! ،
ولكنه ادرك اعظم مخاوفه حالما ادرك توقف قلبها عن النبض ، وضعها ارضاً وراح يضرب صدرها بصعقاتٍ كهربائية ،
لكن دون جدوى .. تنزف هي من كل مكان ، لا تتنفس ! اصبح لونها شاحباً وجسدها فقد حرارته ،
بدأت الدموع تتجمع في عينيه وتسقط بغزارة وهو يصرخ بمرارة :
- كلا ! كلا ! كلا ! لا تموتي !!! سكـــآرليــــــــت !!!
ولكن الضوء الاحمر الذي صدر من يديّ آيـآمي في تلك اللحظة اربكه و هي تدخل يدها في جوف جسد سكارليت ،
كان يظن بأنها قد جنت فهي تطعن فيها بشكلٍ جنوني بيدها وفينيكس لا يوقفها او يفعل شيئاً !
اراد ايقافها ولكن ابتسامة الحماسة التي علت ثغرها اوقفته حينما انتشلت شيئاً ما من داخل جسد سكارليت ،
قطعة ذهبية مشبعة بدماء سوداء دهستها آيـآمي بقدميها فشهقت سكارليت جاذبة القدر الذي تستطيعه من الهواء ! ،
بدأت تنظر للجميع بصدمة وآيريس قد ابتسم وهو يبكي بحرقة ، دون ان تعرف كان يدفنها في احضانه من شدة امتنانه لكونها حية ،
و شعورها بالظل الحيّ .. قد اختفى تماماً !


خلال أيام تعافت سكارليت تماماً ومن خلال تطهير ساتان لها بقواه الخاصة انتشلت منها كل دماء اللعنة،
كانت تشعر بالأمتنان ، فالجميع من حولها كان خائفاً عليها ، شعرت بالخجل لكثيرٍ من تصرفاتها الطفولية لهم ،
وحينما كانت تسير في ممرات القصر متجهة لشكر آيـآمي وجدت آراشي بانتظارها ،
تعجبت اكثر حينما ابتسم لها ابتسامة مكسورة مترددة وهو يقترب منها ببطء وتردد ،
- سكارليت هناك امرٌ اريد اخباركِ به !
قالها بنبرة جدية اخاف سكارليت التي اجابت بتوتر :
- ما الامر اراشي ؟!
ابتسم بنفسِ الابتسامة الباهتة وردد بكل ما اوتي من شجاعة :
- لم يعد يمكننا البقاء معاً ! ، يجب ان تعودي لآيريس ! هو يستحقك أكثر مني !
اتسعت حدقتا عينيها بصدمة ، كلا ! لا تقل هذا ! ارادت الصراخ في وجهه ولكن قبل ان تتمكن من فعل شيء ،
قبل جبينها بحب وقال بهمسٍ لطيف :
- انا احررك مني !
ثم ابتسم لها بمرح وتركها دون أن تتمكن من قول أي شيء ! لقد جرحته ..
هي كانت تتوقع ان تقوم بجرحه يوماً ما ! خاصةً بمشاعرها المضطربة هذه !
شعرت بيدٍ حانية تربت على رأسها فرفعت ناظريها لتجده بعينيه الذهبيتين ينظر لها بهيام ويردد :
- الحب قاتل اليس كذلك ؟! ولكني احبك رغم كل شيء !
كل ما ادركته كان كونها في احضانه وصوت ضحكاته ترن في اذنها بشكلٍ اسعد قلبها !
وحينها ادركت ، أن الخيارات لا تخلو من النتائج التي قد تدمرها و تسعدها في نفس الوقت !



قبل سنواتٍ طويلة !
- مؤسسة عائلة " مارتيكسون " احدى اوائل الشياطين الذين صنعهم ساتان بنفسه ، قواها لم تكن عادية ولا طرق تفكيرها ايضاً ! احبتْ يوماً رجلاً واعتبرته كل ما في حياتها ، انجبت منه طفلاً ، كانوا كل حياتها ، ولكن .. بدأت امورٌ غريبة تحصل في حياتها ، قهقهات شبحية ترنّ في اذنيها و اصواتُ وقعِ اقدام في كل مكان ، اصوات اظافر طويلة تشرخ الجدار ، وصراخٌ يصّم الاذان ، بدأ زوجها يفقد عقله ، يضربها بوحشية ، وهي لسبب لما لم تتمكن من استخدامِ قواها ، وفي احدِ الايام .. جنّ زوجها تماماً فأمسك بها والقاها بقوة على الارض مما حطم اضلعها ، ركلها بشدة حتى حطم جسدها كله ، قطع يديها وقدميها امام ناظريّ طفلها ، وكي يكمل جريمته الشنيعة قام بإغراقها في بحيرة ملوثة سوداء المياه ، القاها بعدها على الارض وقام بالإنتحار ، كان لديها القليل من الوعي وهي تنظر لأبنها المصدوم والمرعوب ، اشتعل الحقد في قلب ابنها حالما رآها تحاول مد يدها ولكنها لم تكن في مكانها ، ماتت والدته امام عينيه ! تحول كل شيء في ناظري الولد للحقد وحسب ، اصبح ظلاماً والظلام غدى جزءاً منه ، كبر الفتى وكره ما يدعى بالحب والاهتمام ، ومن اجل ان يجعل الجميع يشعر بما شعر به نفذ تقنية جعلت روح امه تصبح ظلاً اسود مصنوعاً من الكراهية هدفه هو الانتقام ! وزرعه في جسد ابنته ، كي تقوم ابنته بقتل كل من تحبهم ويحبونها ، اراد زرع شعور الفقد والحسرة في الجميع كما زرع فيه ، لذا هو استعان بطفلته من صلبه في هذا .. وهذا الرجل كان سيدورس والطفلة هي سكارليت !
انهت رواية القصة على مسامعه ، كان قد احضر سكارليت للقصر للتو وحسب حينما سمع افظع ماضٍ يمكنه ان يعرفه ،
سارت آيـآمي باتجاه صندوقٍ زجاجي فأخذت منه خنجراً كان منه اثنين ، تقدمت من آيريس واعطته اياه قائلة :
- ستحتاج اليه إن كنت تريد انقاذها ، صنعت هذين الخنجرين بيديّ هما الوحيدان القادران على القضاء على الظل !
شدّ على شفاهه بقهر وهو يقول :
- وهل سيقتلها هذا ؟!
اغمضت آيـآمي عينيها بألم وهي تهز رأسها قائلة :
- لا يمكنني الجزم !
طأطأ رأسه يشدّ على شفاهه حتى ادمت ، واذا بآيـآمي تكمل قائلة بهدوء :
- انا قد ختمت الظل مرة ، ولكن الختمة الاولى فقط لمنعه من قتل الاخرين !
اتسعت عيناه ونظر اليها مصدوماً يقول بتوتر :
- ما الذي تقصدينه ؟!
نظرت للعاصفة الهوجاء من النافذة وهي تجيب ببرود :
- ما دام غير قادرٍ على قتل الاخرين فربما يحاول قتلها ! اي سيحاول اخذ ثأره بأخذه حياتها الخاصة ! كي يجعل من يحبونها يتحسرون على فقدها !
حلت تلك الكلمات كالصاعقة على مسامع آيريس الذي بدأ بالارتجاف ، سقط على ركبتيه وهو يقول بألم في صدره :
- لما ؟! لما عليها ان تعاني هكذا ؟!
ما كان من آيـآمي إلا ان تنصت لصوت الرعد و ضوء البرق وهي تجيب بعينين خاليتين من التعبير :
- لا اعلم !





قبل 200 عام
الظلام ساد المنطقة المطيرة على امتداد غابة الضاحية الشرقية
النهر الجاري أُحيل للبنيّ من تراكم الطين فيه وعلى امتداد جريانه .. صوته كان السائد وحسب
واذا به يركض خائفاً لاهثاً يرجو أن تكون بخير ، هو لا يريد ان يخسر احب الخلق لقلبه ،
وجدها عند ضفاف نهرٍ قد فاض من شدة الامطار التي تهطل في هذه العاصفة الهوجاء ،
ابتسم سعيداً لأنها بخير وحالما اراد التحدث خُرس لسانه حينما التفتت اليه بهيئتها تلك ،
شعرها الاحمر يتخلله اللون الابيض ، وعيون خالية من العدسات ،
ابتسامة شاحبة وحالة سوداء تحيط بجسدها والظلال رغم العاصة تتراقص تحت اقدامها ،
واذا بها تتحدث ببحة مرعبة :
- سآخذ حياة هذه الفتاة ما دمتُ غير قادرة على قتل الاخرين !
عرف أن ما قالته آيـآمي سيتحقق الآن لا محال ! ، توتر ولم يعرف ما الذي يمكنه فعله ،
ولكنه قرر حينما اخترقت يدها صدرها وكادت تقتلع قلبها ، فما كان منه إلا اخراج الخنجر ،
وبدون ادراك كان امامها طاعناً إياها كيّ لا يفقدها !
وبعدها بلحظات ...
على الارض التي تضربها الامطار بلا رحمة كانت جاثية ، تنظر لجسدها بصدمة
ريثما سيفُ محبوبها يخترق صدرها وخط دمٍ احمر رُسم على ثغرها !
تنظر صوبه بصدمة ، وهو يبادلها النظرات الميتة الباردة !
انتشل السيف المشبع بدمائها القرمزية لتسقط هي ارضاً نازفةً بدمها !
وتنهمر من عينيه دموعُ الحسرة و القهر وهو يغلق قلبه بمفهوم الإنكار
- اعذريني سكارليت .. ما حقّ لي ان احبّ شخصاً مثلك ! فأنا قد آذيتك كي احميك ! ولا شيء يبرر الاذية !
انتهى .

 
 
 





هناك تعليق واحد:

  1. آسفة ولكن ..

    جملة " كلما إقتربت منكِ أدركت بأني . . . بعيد !"
    هي تحريف لجملتي في رواية " тнe ĸιlleг -2- ѕecгeтs шαιт ғoг мe "
    المذكورة في جملتي في المشاركة الأولى التي تحت الهيدر " كلما إزدت منكِ قرباً أيقنت بأني . . . بعيد !!"

    أنا لن أتهمكِ بالسرقة ولكن ... أرجوا فقط تبديل الهيدر هنا بدون تلك الجملة . أو يمكنكِ قولها لكن مع ذكر حقوقي
    إذ أنني قلت .. ممنوع النقل إلا بذكر المصدر .. والحقوق محفوظة لـ Nermeen@arabseyes.com

    عموماً .. أتمنى أن تفعلي ما قلت لكِ بدون جدال ، لألا تسقطي من نظري يا آرليت !

    - مشرفة قسم روايات وقصص الأنمي في عيون العرب ، نِرمينْ أو " هَل صلَيت عَلى النَبي اليَوم ؟ "

    تحياتي .

    ملحوظة صغيرة : هذه الجملة إستوحيتها من إحدى الإبتهالات الدينية "

    ردحذف