الثلاثاء، 1 يوليو 2014

الفصل التاسع عشر : ( شكوك : هاوية هو الفراغ !)






الفصل التاسع عشر : ( شكوك : هاوية هو الفراغ !)










و توالى الوقت على مضض في كينونة الخبايا الازلية

وفوقه عتمة لا تفضي إلا لمكان غير مأهول

السكون الفاضح على اوج الاسرار لا يبقى وحيداً

فالتحجر في مكانه هو عملٌ من الانسان الذي توفاه القدر صغيراً

الألم و العذاب ازليان في مواضع لا يصل اليها مفعول الدواء

من ذاق الفراق يوماً فلا حق له في النضال كي ينسى الحياة !

توقف للحظة ! فكّر بنفسك وعد بالزمن إلى الوراء !

هل انت نفس الانسان السابق ؟! هل انت نفسك حقاً ؟!

ام ان التغير قد حصل وبات لك منسياً في عقبات الحياة ؟

هل ترى آثار خطواتك الماضية ؟ هل تفقه إلى عتبة بابك الخاوية ؟

ام تراك مجرد طيفٍ لأنسان اعتاد الوحدة فتسلق السماء حتى هوى صريعاً ؟

لا تقل لي بأنك خائف ! لأني الخوف قد عشته طوال عمري !

لا تقل لي بأنك نائم ! لأننا جميعاً نيام في غيبوبة الموت الازلية

وهل تراك من حضارات الموت قد جلبت لك غائب ؟!

ام تراك حفرت نقش الحياة على اضرحة المقابر ؟!

ألا ترى تلك الجماجم المعلقة على القبور ؟ ألا ترى تدفق الدماء من النحور ؟

ألا ترى تلك الاكواب التي تشرب منها الوحوش الضارية بدماء الضحايا ؟!

الا ترى إلى تلك النار المستعرة في القلوب ؟ او تلك الاعين الزائغة عن المفهوم ؟

اتراني مجنوناً ام اني قد فقدت عقلي مؤخراً ؟

لا منطق لي ولا هدف ! لا مجال لتوفيقٍ ولا وصول !

انا مجرد بشرٍ قاسى الحياة فانكست اعلامه وخرّ على الارض صريعاً

هذه حرب جحيمية لا فوز فيها إلا للأشباح !

هذا واقعنا ! حروب وقتل وسلاح !





~





الخيال

هو أن ترى الواقع كما تريده أنت ! بلا شوائب او غمام او غبار ! فقط احلامك متجسدة امام ناظريك تسعد قلبك المفتون بالموت المحتوم !

الواقع !

هو ان تواجه مخاوفك .. ان تقاسي الصعاب وتلتجأ للمعونة من خالقك ! ان ترى فضاعة وجمال الحياة ! ان تحيا السراء والضراء وتعرف نفسك حقّ المعرفة

الموت

هو أن ترى العالم بسواد قلبٍ متفحم من نيران الحزن والالم والصراخ ! ان تختار سفك دمك طواعيةً على أن ترخي دفاعك وينتهي بك الامر لليأس كطريدة تُطَارد من اجل المتعة وسغب الوحوش !

الحياة !

أن تغلق عينيك فتسمع اصوات العالم الخافتة ! ان تشعر بالروح حتى في الجماد ذي الخفوت والسكون ! أن تعرف ان من حولك يتنفس و يضحك ويتكلم ! ان تبتسم لا ارادياً على اثر ضوضاء الوجود الخافتة والعالية !

الجنون !!

هو أن تجتمع المصطلحات الاربعة فتكون غشاءً ابيض من الضباب على قلبك ووعيك وجسدك ! فتجعلك تفكر أن السماء هي ارض البشر و البحار مكانٌ من اجل النوم .. والقتل وسيلة كي تفهم الحياة !

فهل ترى إلى الجنون من امورٍ افضل من السواد ؟ اتراه جنوناً إن عرفت ان الماثل امامك هو نفس من اعتاد الصياح على حبك في كل صباح ؟

ولكن الارادة المسلوبة تقيد بحفيف الموت الصامت ! تقاد إلى حيث مشنقة الارواح وتلقى على حبال مصنوعة من دموع البؤساء !

ولكن .. ماذا لو كان من تحبه هو المقتّص ! هو القاتل الذي هو ساغبٌ لدمائك وروحك !

وقد حاول الفتك بك في هذه اللحظات القلال ! عيونٌ زائعة وانكارٌ لن يفهمه الاحياء للحظة تمنت لو احترقت في كتاب القدر قبل ان تحّل

اللحظة التي تسبق التصديق هي الاصعب .. الابطأ والاطول والاكثر رعباً ! حينما ادركت هي بنفسها ان الماثل امامها يريد قتلها ! وهو على اتم الاستعداد لقبض روحها بتعذيب متواصل على مدى سنوات

استطاعت ان تسمع إلى صوت انكسار روحها في اعماق غياهب ظلام جسدها واستطاعت ان تشعر بخفوتٍ مرعب في قلبها المرهق

ولكنه استكان مصدوماً وكأن شرارة ما لمعت في عينيّ الموت الخاصة به ، توقف امامها منتصباً يرنو اليها بنظراتٍ ارعبت كل ما فيها من حياة !

باتت ترتجف منه غير منتبهة لنفسها وهو قد حرك شفتيه ببطء فردد بنية قتلٍ واضحة

- ايتها الحقيرة .. كيف تعرفين اسمي الاخر ؟!

تراقصت شفتاها خوفاً من تلك النبرة ! وخوفاً من هذا العالم الذي جعلها تقف امام من تحب عاجزة !

ازدردت ريقها بصعوبة وهي تحاول الكلام إلا أن الكلمات خانتها وجعلتها بكماء على حين غرة منها !

استشاط الآخر غضباً من تصرفها ! اعتبرها اهانة لحضرته فبدأ الدم يغلي في عروقه وهو يريد قتلها اكثر من اي وقتٍ مضى !

امسك برقبتها بحركة خاطفة وقربّها منه حتى استطاع ان يشعر بلفحات الهواء الحارة المضطربة التي تخرج من فمها اللاهث !

بانفعالٍ شديد قال مزمجراً

- اجيبي !!

حالما غاصت في تكوين عينيه الميتتين حتى هدأت وتوازنت انفاسها وعادت إلى خفوتها المعتاد ، ضاقت عيناها بأسى وغطت خصلات شعرها عينيها فما عاد الآخر يدرك فيها شيئاً

ابتسمت ابتسامة صفراء مرتجفة وهي تحرك يدها فأحاطت برقبته لتدفعه ناحيتها وتعانقه وهو على الصدمة ضيفٌ لا يعرف معناها !

تحجر مستغرباً من الجنون الذي ضربها ، سقطت يداه وقد ملأت غشاوة شفافة عينيه من الغضب ، الدفء الذي تدفق إلى جسده قد ايقض وحشيته !

اما هي فقد كانت تقوّي من ضمها له وهي تقول بهمس كاد أن لا يسمعه من خفوته

- أنت ايضاً جررت إلى الجنون الذي خلق معمعة الشضايا إلى الممات ؟!

لوهلة لم يبدو كلامها منطقياً او حتى ذي معنى بالنسبة له ، ولكنه تجاهل ذلك الواقع ودفعها بقوة عنه ليصفعها على وجهها بقوة هزت كيّانها كله

اتسعت عيناها بتعجبٍ خفيف ثم اعادت النظر اليه وقد تطاير الشرار الاحمر منهما دليلاً وعلامة على غضبه اللا متناهي و ضميره الميت الذي لا وجود له إلا في بيوض الافاعي !

ضاقت عيناه لوهلة حينما هدأ ! المزاج التقلب الموروث لكل ملك شياطين رأته ، رفع رأسه بخيلاءٍ مهيب وهو ينطق مستصغراً قدرها

- مخلوقٌ واهنٌ مثلك دون معرفة محضة بالحياة ، التواتر الغريب في عينيكِ قد ايقظ ذكرى ميتة في قلبي ! ولكم رغبت في قتلك الان على هذا !

ربما هي لا تعي قصده ولا تعرف ما يحاول الوصول اليه بكلماته هذه ! ولكن ما شغل بالها في تلك اللحظة كان الحجر الضخم الناري المتجه ناحيتها من الجهة اليسرى !

ادركت بأنها إن لم تتحرك فستموت لا محال منها ! ولكن قدماها قد شلتّا فجأة وما عادت الحركة لها حليفاً بعد الان !

ارتخت عضلاتها وهي ترى أن تموت افضل من رؤية ساسكي هكذا ، الحجر اقترب منها وكاد يرتطم بها لولا أن تدخل الاخير لاكماً الحجر فتفتفت إلى قطعٍ صغيرة وتطاير لهيبه في كل مكان

اتسعت عيناها صدمة وهي ترى قاتلها ينقذها ! التعاكس والتناقض فيما كان امامها في لحظة قد حال إلى جنونٍ واضح من الخيال !

توقف هو كذلك مصدوماً مما فعله ! فقد تحرك جسده لا ارادياً لينقذ هذه الفتاة العادية ! ما الذي حلّ به الان ؟!

التفت اليها ليرى تلك الابتسامة ذات المشاعر العميقة ! عيناها المتلألئتان بضوءٍ لا يعرف كنهه قد هزّ قلبه وكأنه قد سقط عن جرفٍ عالٍ !

الغضب استيقظ مجدداً بين ضلوع قلب هذا الوحش الكاسر فانقض على آيـآمي بحركة سريعة امسك بها كتفيها دافعاً إياها على الارض !

اعتلى هو جسدها المثبت بإحكام من قبل يديه وراح ينظر بعيون حادة كالذئاب إلى وجهها الهادئ من الحياة

تعجب إلى هدوئها فما زاده ذلك إلا غضباً ، فهي تهينه بهذا الهدوء والسكينة ! تجّلب العار لجبروته لأنها لا تخاف منه !

فما كان منه إلا طعنها بيده في صدره معتصراً قلبها ببطء بين يديه ! سعلت دماً واستشعرت الالم من يديّ محبوبها الذي ما عاد يتذكر من تكون ,

بدأ الوجل إلى قلبها يستلل ، فكيف لا وهي بين براثن من لا يعرف الرحمة ! قد قطع رؤوس الاطفال بما بالها برأسها ؟!

حينما لم يرى اليأس في قسماتها انتشل يده بهدوء ولكنه اخرج من غمدٍ صغير سكينة سوداء محمرة بفعل الدماء المتناثرة عليها !

بدون ادنى رحمة منه طعنها في كتفها فشعرت بألمٍ لا يحتمل ! وكأنما الالم العادي يتضاعف في هذا العالم اضعافاً مضاعفة !

ما ان ملّ من طعنها حتى وقف على قدميه وهو يجرها من شعره حتى رفعها قليلاً عن مستوى الارض ! ، شعرت وكأنما هي على وسك ان تفقد رأسها من هذا الشد القوي

ما يزال لم يرى اليأس في عينيها فازداد سخطه عليها ، هي التي يجب ان تيأس حالما تراه ما تزال لم تعره أي اهتمام

القاها على الارض بقوة ، لسببٍ ما هي لا تقاوم رغم ما يفعله بها ! شعورٌ غريب يحتاجه وهو يفعل هذا .. النشوة ؟!

هذا ما يعقده ، فهذه اول مرة يطيل فيها بعذاب احدٍ ما ، ابتسم بشّر وظلمة وهو يراها تنظر اليه بغضبٍ مكبوت ، لا تريد اذيته حتى وإن قتلها

تنهد هو بملل جسيم وقد نطق بحروف اليأس على روحها

- مجرد تافهة ، اتظنين بأن احداً ما سيفتقدك حالما تموتين ؟! دعيني ارى عينيكِ للحظة ! هه كما توقعت اسبوعٌ كامل وانتِ غائبة ولم يرسلوا احداً للبحث عنكِ ! ايُ حبٍ هذا ؟! اني لأرى الاحتقار في كيانك ، اعني .. من تكونين ؟ مجرد حقيرة ؟! لن يبكي احدٌ على فراقك ولن يهتم بكِ احد ! لا احد يحبكِ يا فتاة ! لذا دعيني ارى اليأس على محياكِ ! فأنت نكرة في عالم النكران ! مجرد آفة ولدت من رحم الوحوش ! ربما لو لم تولدي لكان الامر افضل ... اليس كذلك ؟!

ولو اكتفى بتعذيبها لما شعرت بهذا الالم كله ! هذه الكلمات التي اعتادت ان تقولها لنفسها من قبل تخرج الان من بين فكيّ اكثر من تحبه !

الطعنات والالم واليأس الذي استبد بها وتجّلى على ملامحها جعل العجاب يحتل ساتان الواقف بغير حراك ! لعله لم يتوقع ردة الفعل المنكسرة هذه

فالملامح التي تحملها هي تعريف اليأس بحد ذاته ، اضحكه الامر .. حتى قهقه بجبروته مستهزءاً بها وقد زاد الطين بلة بهذا

ولكنه لم يدرك - حينما تلقى لكمة جعلته يتراجع الى الخلف – مقدار قوة هذه الفتاة ، حينما رأى غضباً مميتا في مقلتيها حرك مشاعره لأول مرة منذ قرون

اعاد النظر اليها بملامح ميتة من الغضب وقد اُحيط جسده بهالة حمراء لتتطاير الاحجار الصغيرة على الارض من حوله و تهتز الارض بغضب ساتان نفسه !

ازدادت النيران وزادت الصرخات والجنود غير قادرين على فعل شيء ! اخوتها السبعة لم يصلوا إلى الان وهي وحيدة امام هذا الكاسر المتوحش

تحرك ناحيتها بخطى سريعة واراد محقها بسرعة إلا انها تفادت ذلك وكادت تركله على رقبته لولا حركته السريعة التي آلمت يدها اليسرى كثيراً

بدأ يعجب بالقتال ولكن الشمس التي تحولت إلى السواد في لحظة منعته من اكمال هذه المهمة ، مطّ شفتيه بقهر وحرك يده ليصرخ بشكل ارعب حتى الجنود السود

- وقت الانسحاب ! الليلكية القمرية بدأت ! تراجعوا الان !

دوامة سوداء ضخمة ظهرت من حوله وهي تبتلع كل شيءٍ الى العدم ، وقف امامها وهي تحاول ابتلاعه ، ولكن قبل ان يختفي فيها ابتسم قائلاً بهدوء

- لنا لقاءٌ آخر ... آيـآمي !

اختفى في تلك الدوامة ليختفي كل شيء ، النيران والجنود وكل ماله علاقة به اختفى !

وبقي فقط .. الدمار والجثث والبكاء وحسب !








ماذا لو فقدت القدرة على الصراخ ؟!

على التحدث وعلى التعبير ؟!

ماذا لو وصلت إلى ما بعد حد اليأس ..

ما الذي ستفعله حينها ؟!

حتى وإن صرخت حتى تتقطع حنجرتك !

فلا اعتقد بأن هناك سامع !

لذا توقف ... لا تتعب نفسك !

انت في دوامات نفسك هائم وحسب !

تذكر فقط ... لا غموض إن عرفت الساحر !

الخوف الذي استبد بساكني القصر حينما ادرك ساتان خدعة اخرى نفذتها آيـآكا حتى تمنع الوصول إلى الغاية المرجوة !

تلك الفجوة التي احدثتها فتصدعت الروابط بين عالم الشياطين الذي يحكمه ساتان و عالمها الصغير الذي صنعه كمنفى ابدي لها ..

وقف محادياً الجدار وقد اعتلت عيناه لمعة مرعبة من الرغبة في سفك الدماء ، ظهر ذلك الظل الاسود على ملامحه فما كان منه إلا ان ينفس عن غضبه فيلكم الجدار

احدث صدعاً في الجدار سرعان ما تمدد ليتحطم الجدار عن بكرة ابيه ويتحول إلى فتات ! التفت وهو يتنهد

استجمع كل ذرة هواء ممكنة وصرخ بقوة كادت تدمر ما حوله

- ستندمين آيـآكا ! العابك ستنتهي قريباً ايها اللعينة !

ربما في تلك اللحظة حينما ادركت غضبه الحقيقي شعرت بالخوف في عروقها ، ارتجفت على غير عادة منها وهي تنظر من خلال قدرة الاستبصار الخاصة بها إلى عمق حقده وغضبه

فتقلقل الهدوء في نفسها وتغلغل الخوف الى كل خلية في جسدها !

اما هو فقد التفت وهدأ على حين فجاءة فارتخى جسدها اثناء سيره بطريقة متناقضة لم يفقه اليها احدٌ بعد !

حينما قهقه بطريقة مرعبة شيطانية شحب لون وجه آيـآكا وهي ترى الجنون قد رُسم واضحاً على عينيه

بدون ان تعرف كيف كان قد نطق بكلمات كعويل الذئاب ببحتها

- تعتقدين بإنكِ الوحيدة التي يمكنها صنع الالعاب ؟ ، هه انتي لا تعرفين قدراتي آيـآكا !

اتسعت حدقتا عينيها حينما شاهدت الابتسامة تملئ شدقيه وقد خفتت العقلانية من عينيه ! ادركت حينها بأنه يخفي في جعبته مالا يمكن لها ان تفقه الى كيانه او تعرف ماهيته !

شدت على آيـآمي في حجرها وهي تردد في نفسها قلقة

- لأول مرة منذ عصور يخيفني ساتي بهذا الشكل ! إن كان حقاً يستطيع فعل شيء فهذا يعني بأنه لن يتوانى حتى يعيد آيـآمي اليه ! عليّ أن اسرع فيما اريده قبل ان اُفاجئ بما لا اتخيله !

لم تعد تستطيع رؤيته ، انبلجت عيناها وراحت تحاول اختراق السواد الذي طغى على رؤيتها الحتمية لما خلف الستار !

ولكنها لم تقدر فعرفت ان ساتان قد اضحى جدياً ناحيتها اخيراً وهذا لا يبشر بالخير في ظروفها الحالية !

ولكن امراً – لم تتوقعه – قد حدث حينما ظهر ساتان امامها واقفاً بعينيه الحمراوتين ! ينظر اليها مبتسماً بخبثٍ ونصرٍ اكيدين !

ازدردت ريقها حينما شاهدته يتقدم منها وهي مجردة تقريباً من القوى في هذا المكان ، ولكن صفعة ضربها بها على رأسها انستها ما كانت تفكر فيه !

جرها من شعرها ودفعها ناحية الجدار فارتطمت به حتى تصدع ، سعلت وشعرت بالدوار وبالعجز عن الحركة إلا ان ذلك لم يمنعه من التقدم وركلها بقوة على معدتها حتى بدأت تسعل الدماء !

لا يزال مبتسماً ! ولم ينبس ببنت شفة منذ ان وطأت قدماه هذا المكان ، بدون ان تشعر امسكها من ذقنها ورفعها إلى مستواه وهي لا تزال تقاوم محاولة ان تفك اسرها من بين براثنه

ولكن حالما التقت عيناها بعينيه الحمراوتين حتى شعرت بالخدر يتملك كل اوصالها ، شعورٌ غريبٌ بالبرد والظلمة والخمول !

كانت عيناها تغمضان رغماً عنها وهي تقاوم رغبة النوم الملحة تلك ! لكن ما ان اغمضت عينيها واعادت فتحها حتى شاهدت النيران تلتهم كل شيء في الغرفة !

النيران الزرقاء القاتلة الخاصة بساتان ! ارتعبت من فكرة انه ينوي قتلها الان ! كلا ! عليها إكمال خطتها ! لا تستطيع الموت الان !

انزلها ساتان على قدميها وقد بدى عليه الهدوء بعض الشيء ، ربما الوضع ليس سيئاً كما يخيل اليها !

تنهدت حينما ابتسم بهدوء ! وعرفت بأنه سيقول كلاماً هادئاً وينصرف برفقة آيـآمي !

ولكن المفاجئة كانت حينما امسك بذراعها ولواها حتى كسرها ! وحينما طالت اظافره فجرحها في وجهها جروحاً عميقة دموية !

سقطت على الارض وهي ترى ان المكان اضحى بالابيض والاسود وان اللون الوحيد الذي تراه هو لون عينيّ ساتان الاحمر القرمزي !

انهال عليها ضرباً بقدميه ويديه وتعددت السبل من الركل واللكم إلى الكسر وما إلى ذلك حتى اغرورق جسدها بدمائها الخاصة !

اضحت غير قادرة على الحراك وهي تحاول ان تزحف ناحية الطاولة حتى تمسك بقارورة مياه الموت الموجودة فيها ولكن ساتان داس على رأسها بقوة فمنعها من ذلك

ادركت بأنها هنا عاجزة تماماً على غيار ما كانت تفكر فيه مسبقاً ! شاهدته من بين عيونها الدامية يقترب منها ببطء وقد نوى قتلها مسبقاً الان !

اتسعت عيناها وهي تشعر به يفتك بروحها ويخرجها من بين تحشرجات صوتها وقلبها ... حتى قتلها !

انبجلت عيناها على اقصى اتساع وهي تلهث لهاثاً شديداً وقطراتُ الدماء تتساقط من رأسها ! حركت بصرها يمنة ويسرة لترى بأنها لا تزال على وضعها السابق !

وان لا شيء حدث للغرفة من دمار كما حصل منذ لحظات ! ولكن فاجعة الحقيقة قد اصابها بسهمٍ من سعير حينما ادركت حقيقة مخفية خلف الستار !

حقيقة ان كل ما رأته وهمٌ من صنع ساتان !

لم تفهم .. لم ترد ان تفهم ولكنها عرفت بأنها لا تعرف اخاها كما يجب ان تفعل ! لم تتوقع ان يستخدم الوهم ليوهمها بموتها الخاص !

ضمت نفسها وهي تنظر إلى آيـآمي وتقول

- عليّ ان اسرع ! لا استطيع ضمان ما ينوي فعله !

ولكن ضحكة شيطانية ابليسية جبروتية قد شقّت المكان شقاً برعبٍ لم ترى مثله من قبل ، ظلامٌ وموت وكبرياء في صوته الشبحي ادركت خلفه انها عاجزة في بعدها !

لابد وانه قد فعل شيئاً كي يحيد من قواها اكثر واكثر ! لهذا تشعر بالعجز !

بدى للحظة وكأن شقيقها مختلف ... اصبح اكثر رعباً .. اكثر شيطانية مما كان عليه !

شدّت على شفاهها بقهر وهي تصرخ بسخط

- لا تستخف بي ساتي ! اياك والاستخفاف بي !

تجاهلها تماماً ، لن يفقد التحكم بأعصابه عليها مجدداً ، إن كان سينتقم منها فسيكون انتقاماً بارداً .. قاتلاً ودموياً !

استوقفهً كيانٌ ينتظر حظوره منذ بعض الوقت ، حالما رآه حتى ابتسم ببرود ليردد

- زيارة غير متوقعة ريو ، ما الذي حلّ بك لتظهر بهيئة البشر ؟!

ابتسم ريو بثقة واردف بغرور

- حان الوقت كي تعترف بالهزيمة امامي آلون ، انا اوسم منك بشدة

اغمض ساتان عينيه بشكلٍ ساخر وهو يردد بشكلٍ مستهزء لاذع

- وما الحيلة إن ظنّ القرد بأنه اجمل من الذئاب ؟!

شرارة غريبة اصابت جسد ريو في تلك اللحظة ، شعر بالامتعاض من ساتان الذي يسخر منه على الدوام فقال منفعلاً

- هذا ليس سبب قدومي على اية حال ، قل لي ما الذي جرى على آيـآمي ؟

عادت ملامح ساتان جدية مرة اخرى ، نظر ناحية ريو بتكبر ثم اردف ببرود

- لا تقلق ، سأخرجها من عند آيـآكا واقضي على الآفة المزعجة !

قطب ريو حاجبيه وقال بقليل من الانفعال

- آلون ! لا تقل هذا ارجوك ! انها اختك في النهاية ! حاول ان تفهمها ! هي ليست سيئة بحد ذاتها !

لمعة حزينة ارتسمت في عينيّ ساتان ، تنهد وردد بعدها

- اين كنت بعد القتال ريو ؟! اختفيت فجأة !

عرف ريو بمحاولة ساتان لتغيير الموضوع ، اجابه على مضض

- كنتُ اتواصل مع ارواح التنانين الميتة ! اردتُ بعض النصائح وحصلتُ عليها !

ابتسم ساتان بهدوء ليعقب قائلاً

- غريبٌ ان تسأل المشورة ، توقيتٌ رائع على اية حال !

قهقه ريو بشكلٍ غبي ومن ثم اردف بانكسار غريب في نبرته

- ربما فقط ... لو غيرنا بعض صفحات الماضي .. لكان ثيلوميوس حـ ..

قاطعه ساتان بشكلٍ مرعب وهو يقول

- لا تفتح جروحاً قديمة ريو ! ما عاد لهؤلاء حياة عدا في ذكرياتنا ! ماتوا وانتهى امرهم !

ابتسم ريو بحزنٍ شديد ، اغمض عينيه بتفهم واستطرد

- اجل .. انت محق .. رغم كونك اكثر من يتألم !

لم يعقب ساتان على هذا بل ترك ريو وسار في رده القصر وحيداً يفكر بالكثير من الامور

توجه إلى غرفةٍ خاوية إلا من صرير اشباح موتى الاحياء فتوقف في منتصفها حينما تسلل ضوء البدر إليها فلمع ختمٌ رسم على الارضية لا يعمل إلا بضوء القمر الكامل !

جرح يده فسقطت الدماء على الختم فبدأ يلمع بلونه الفضي العتيق ! فتح ساتان عينيه وإذا بماهوتي يقف امامه باحترام واجلال

ابتسم ساتان بهدوء ليردد بخبث

- ماهوتي ، اجلب لي ستة جثث وضعها على الجهات الست للختم الشبيه بذرة الثلج !

لمعت عينا ماهوتي بشكلٍ مخيف وهو ينحي ويقول باحترام ونبرة شديدة جهورية

- كما تأمر سيدي ، ولكن هل لي بالاستفسار عما تنوي فعله ؟

اغمض ساتان عينيه واخرج لفحة هواءٍ باردة تشكلت على شاكلة بخارٍ من البرد الذي خيم على الغرفة فجأة

اجابه ببروده المعتاد المترافق مع غليان حادٍ في دمه

- انوي اراقة دماء شقيقتي البلهاء في عالم المجانين !

اتسعت عينا ماهوتي بعض الشيء واستقام في وقوفه ليردد بحذرٍ شديد

- اذا فأنت تنوي تفعيل اغنية القمر المظلمة ؟

ضحك ساتان بهدوء ليردد ساخراً

- تقولها وكأني على وشك احداث مجزرة ! اجل انا افعلها يا عزيزي ماهوتي !

لأول مرة تظهر تلك اللمعة الشياطنية في عينيّ ماهوتي ، ابتسم بشرٍ مرعب حتى بان ناباه الساغبان للدماء وتحولت عيناه إلى الاصفر البراق

انحنى وهو يقول بصوتٍ هو حفيف الافاعي نفسه

- سأختار لكَ الاضاحي من اجود الشياطين ! انتظرني لبعض الوقت إن سمحت

هز ساتان رأسه متفهما فاختفى ماهوتي من امامه في لمح البصر !

ريثما استدار الاول ناحية النافذة الضخمة التي احاطت القمر بإطار داخلي حركت الرياح ستارتيه الحريريتين !

رمق القمر الفضي بقليل من الغموض حينما بدأ لونه يميل إلى البنفسي الغامق !

ابتسم .. وكانت تلك الابتسامة كفيلة بقتل الاموات نفسهم !








المحيطات قد جفت حينما فهمت ان لا دموع تكفي لملأ الالم

والجحيم شهدت نوعاً جديداً من العذاب الذي اختفى خلف قلبي

التوافق الغريب بين الموت والحياة ارغمني على الاستسلام

والوقت الذي خان رغبتي في الفناء قد اضحى بلا هذيان

اينوي القدر ان ينتشل عقلي من بين فكوك جمجمتي ؟

ام يريد فقط احالتي للجنون فيكتفي من قتلي ؟

لا ترافقني في هذه الذكرى لأنها قديمة وتشبه الكتاب الممزق

القلب المعطوب و الروح المسلوبة ، راقبتا كل الاحداث بلا تمييز للأهداف !

عاد للتو من مهمة نفذها على اكمل وجه ! خلع رداء الانبو ورمى القناع جانباً وقد ارجع شعره إلى الخلف وهو يمسح قطرت العرق عن جبينه

لم تكن مهمة سهلة هي القبض على نينجا قاتل هارب ! ولكنه استطاع فعلها حينما امسكه بأضرار بسيطة مثل كسر في يد المجرم وبعض الرضوض في مختلف جسده !

اخبره الجميع بأنه كان عنيفاً بعض الشيء ، ولكن هل يمكنهم لومه ؟! ان توانى فربما يهرب منه ويعاود القتل !

قهقه بسخرية والقى بنفسه على الفراش وتنهد ببطء حتى شعر بالراحة تتخلخل إلى عظامه شيئاً فشيئاً !

الكوابيس تطارده في احلامه ! الهواجس التي لا يعرف كنهها ! الاصوات التي تتناهى إلى عقله في دجى الليل !

كلها امورٌ تنذر بالشرّ وهو يعرف ذلك ! رغم انه يحاول الايمان بكونها بخير إلا ان قلبه يرفض القبول بذلك الواقع !

ترجل من سريره سائراً ناحية دورة المياه حينما استوقفه صوت قرع المطر على نافذة غرفته الفارهة

توقف وبات ينظر إلى غرابة لون القرية الكئيب حينما يهطل المطر عليها ! ومع هذه الاجواء تذكر ذكرى حصلت قبيل سنتين حينما حصل امرٌ فاجع للقرية بأكملها !

فلاش باك

قبل سنتين

يقال بأن الشائعات هي حديث الدجل من السحرة والراغبين بالفساد !

لأنها حالما تنتشر حتى تبثّ الرعب او شيئاً آخر من الوساوس في مجتمع الناس ذي النفوس الضعيفة

ولكن الاشاعة التي تناقلها الجميع اليوم كانت فاجعة على كلِ من سمع الخبر .. حتى الكارهين انفسهم !

ربما لأنهم لم يتوقعوا هذا الامر من قبل ، او لأنهم رأوه في احلامهم وحسب !

ومنهم الفتى الاشقر الذي راح يهرول مسرعاً والغضب الساخط واضحٌ على ملامحه لحين وصل إلى حيث مكتب رفيقه الشتوي البارد

فتح الباب كالصاعقة ما ان تسمع دوي صوتها حتى ترتعب في مكانك كالجراء ! ، اتجه ناحية صاحبه الذي كان يحمل رزمة من الاوراق بين يديه غير آبه بدخوله التكتيكي ذاك

وبدون ان يدرك الشتوي اي شيء كان قد تلقى كلمة موجعة من قبضة ناروتو الغاضب بحنقٍ لا يمكن تصوره !

تناثرت الاوراق من يد ساسكي المتفاجئ متسع الحدقتين والذي ظهر تحت عينيه هالات سوداء من ارهاق او سببٍ آخر

جلّ ما استطاع فهمه هو صراخ ناروتو المرعب الذي صمّ اذنيه وهو يقول منكراً

- كيف تفعل هذا ؟! اعني كيف فكرت بفعل هذا ؟! كيف تنهي علاقتك بـ آيـآمي وسط حشود الناس ؟! كيف تقول لها بأنك ما عدت تريد اي شيء يربطك بها ؟! هل جننت ساسكي ؟!!!!!

فهم الوضع فتنهد ودنى إلى الارض جامعاً الاوراق دون ان ينبس ببنت شفى ، اتجه ناحية مكتبه و وضع الاوراق ليتلقّف كوب القهوة ويرتشف منها القليل ويردف بها ببرود

- اعتقد .... ان لا شأن لك !

ازداد غليان الدم في عروق ناروتو الذي تقدم من ساسكي بعيون تقذف الشرار الممتعض عليه ، امسكه من ياقة ملابسه وسحبه بقوة وهو يقول بعيون دامعة

- ايها الاحمق ! اعلم كم تحبها ، لما فعلت ذلك ؟! اتتركها لرجال آخرين ؟! ماذا عن كازو ؟! سيستغل الفرصة ويأخذها بعيداً ! ماذا عنها هي ؟! لقد فطرت قلبها ولابد من انها الان ضائعة ووحيدة ! اعرفها حينما تكون حزينة تبتسم بشكلٍ ابله وتحاول ان تماطل من حولها ! ايها اللعين اذهب وتصالح معها !

لم يؤثر فيه كلام ناروتو حتى ذكر كازو ! حينها لمعت لمعة غريبة في عينيّ ساسكي واتسعتا بشكلٍ جنوني وكأنه ادرك عالم الجنون في غياهب المشاكل !

ولكنه تمالك نفسه فجأة ودفع ناروتو بعيداً ليردد ببرود اصاب ناروتو برعشة من البرد

- نحن لن نتوافق مطلقاً ! لذا ما الطائل من العيش مع الشحنة السالبة الاخرى ؟ انت تعلم بأن السالب والسالب يعطي التنافر لا محال ! لذا نحن غير متوافقان !

استغرق عقل ناروتو دقيقة كاملة حتى يستطيع تفسير كلام ساسكي ، بعدما فهم خرّ على الارض محبطاً وهو يردد بانكسار

- انت لا فائدة منك ! حسناً دعها تذهب في طريقها لكازو ، هو اوسم منك على اية حال !

شعر ساسكي بطعنة غريبة تجتاح كيانه ! وكأنما ناروتو اهانه للتو بطريقة مؤلمة بالفعل !

تجاهل وجوده وعاد للنظر إلى الاوراق محاولاً ان ينهيها بأسرع وقت .. رغم ان علقه وقلبه كانا في مكان آخر

من جهة اخرى وقفت الشقراء المحطمة وحيدة امام محلٍ للفساتين وهي تبدي ازدرائها من هذه الملابس الغريبة !

تنهدت وهي تحاول ان تتخطى مرحلة الحزن على الشتوي الذي حطّم قلبها قبل ساعاتٍ معدودات ، وضعت يديها في جيبوها وبدأت تسير في الشوارع دون هدى منها

عيناها كانتا منكسرتين بلوعة تجّلت على شاكلة لمعة في مقلتيها ، حتى ان تعابيرها كانت توجع القلوب من الالم الذي احتلها !

ولكن كلما مرت الدقائق تدرك بأنها هذا افضل لها ولساسكي ، سيمنع الاذى عنه ويبقيه بخير .. وربما يحصل على فتاة عادية تكون له العون والسداد الصالح

ولكن قهقهة مليئة بالغنج والمجان اوقفتها فاستدارت لترى فتاة ليلكية الشعر وذات عيونٍ كستنائية تقف امامها بملابس الاميرات الساحرات وحشدٌ من الفتيات بجانبها

علامات السخرية بانت على وجه آيـآمي التي التفتت وعادت للسير في طريقها إلا ان جملة اوقفتها على فجائة

- سمعت ان ساسكي – كون تركك آيـآمي – سان ! حسناً دعينا نقل الصراحة فأنتِ لا شيء مقارنة به !

لم تكن آيـآمي في مزاجٍ لهذه المجون الواقفة امامها ، فأكملت السير إلا انها اوقفها حينما امسكت بمعصمها واكملت

- في النهاية انتِ نكرة ! اليس كذلك ؟

ظهرت ملامح بلهاء على وجه آيـآمي التي ردت بملل كبير

- النكرة من قال نكرة عن غيره ، لا تحاولي ايتها الشمبانزي الناطق فكلامك لن يؤثر بي !

شهقت الفتاة بغير تصديق وكأنما احدٌ عزيز لها قد مات ! تراجعت إلى الخلف غير مصدقة حتى كادت تسقط على الارض من الصدمة

امسكتها الفتيات المحيطات بها وهنّ يصرخن بأسمها منفجعات

- ريريكا – ساما ! ريريكا – ساما ! هل انتِ بخير ؟!

اردفت آيـآمي بإحباطٍ كبير

- يبدو وكأن القدر يعاديني لهذا اليوم ! الرحمة !

قبل ان تكمل سيرها اتتها نبرة ريريكا الخبيثة وهي تقول

- ما دمتِ زاهدة فيه بهذا الشكل ، هل يمكنني ان احصل عليه ؟!

اتسعت عينا آيـآمي بشكلٍ مرعب ، استدارت ناحية ريريكا التي تضحك عليها بطريقة غنجية وساخرة

بانت الشرارة الحمراء في عينيها حتى عرفت بأنها لن تتحكم بنفسها بعد الان ! تقدمت ناحية ريريكا بخطواتٍ رتيبة وعلامات البرود عليها

اكتسحت جسد ريريكا رعشة رعبٍ غريبة من آيـآمي التي وقفت محاذية لها تماماً وهي تنظر في عينيها مباشرة !

بدون ان يعرف احدٌ ما حصل صفعت آيـآمي ريريكا بقوة اسقطتها على الارض ولكنه لم تكتفي بذلك بل جرتها من شعرها إلى مستواها تقريباً وصفعتها مرة اخرى حتى جُرحت وجنتها اليمنى

اغرورقت عينا ريريكا بالدموع والجميع عاجزٌ عن مساعدتها ، اما آيـآمي فقد دنت من اذنها وهمست بشيطانية بحتّة

- حاولي ان تفكري فيه في خلوتك وحسب ... وسأبدأ بإقتلاع عينيكِ كعذابٍ لك ولن ننتهي حتى تكوني مجرد جيفة قذرة ترمى في الازقة العفنة و كذلك عليكِ ان تفهمي شيئاً ايتها الحقيرة ...

صمتت لثانية اكملت بعدها بصرخة مدوية ارعبت الحاضرين والمارين

- انه لي انا !!! هل فهمتي ايتها القذرة ؟!!!!!!!

رمتها على الارض بقوة ورمقتها بحقد بعينيها المرعبتين وسارت بعدها في طريقها ، ريثما الاخرى تبكي بحرقة وتصرخ كارهة

- انتِ وحش ! مسخ ! شيطان ! اذهبي للجحيم !!

ابتسمت آيـآمي بسخرية بحتة لتلتفت لها بنفس العيون التي تحمل الشرارة وتردد بابتسامة

- هذا صحيح يا عزيزتي ... انا شيطان !

قهقهت بعدها بضحكة مرعبة خبيثة زلزلت نفوس كل الحاضرين ، اكملت سيرها بعدها حتى اختفت بين الحشود المرتعبين مما حدث للتو !

ربما لم يعرف احدٌ ان القدر غامضٌ بالفعل ! عند الزقاق المجاور لهذا الشجار – ذي الطرف الواحد – وقف الشتوي مقيداً برفقة ناروتو ، والذين سمعا كل شيء !

فراح ناروتو يضحك سعيداً فخوراً بـ آيـآمي ، والاخر متورد الوجنتين متسع الحدقتين وغير مصدق لما فعلته هي للتو !

ولكنه لبس قناع البرود مجدداً والتفت لناروتو الغارق في دوامة الضحك والمدح لاخته ، ففك قيده على حين غرة وركل ناروتو بقوة على وجه وسار عائداً إلى مكتبه ! فهناك حفلة يجب ان يحضرها في الليل وليس لديه الوقت حتى يلهو مع ناروتو !

اما هي ! فلا تعلم كيف وقعت في هذا الفخ الشيطاني الخبيث ! ولا تعلم لما تمّ جلبها لجحيمها الحيّ برفقة افظع ثلاثة شياطين في الوجود !

وهي تراقب كل هذه الملابس البراقة الانثوية ، شعرت بالتقزز وانها على وشك ان تتقيأ ! ما الذي جلبها إلى اماكن السخف هذه ؟!

امالت رأسها محاولة استيعاب ان هناك فتيات يرتدين الزهري البراق هذا ! او الازرق المرعب ذاك !

وريثما هي تفعل هذا اتخذت ثلاث فتيات زوايا خاصة وبدأن يتحدثّن عن مؤامرة واضحة ريثما آيـآمي منشغلة عنهنّ

بدأت الزهرية فيهم تقول غاضبة

- اسمعّن جيداً ، صحيح اني من اكبر المعارضين ولكني اريد اعادة آيـآمي وساسكي – كون لبعضهما !

هزت الشقراء الاخرى رأسها وهي تقول مكتفة يديها

- اجل اوافقك ساكورا ! ساسكي – كون الاحمق كيف يقول هذا لفتاة ؟!

تنهدت الاخرى الخجولة بينهّن وهي تقول حزينة

- يا الهي ، مسكينة آيـآمي – ني سان ! لا تستحق هذا من ساسكي – كون !

هزت ساكورا رأسها موافقة على كلامهّن ثم نظرت لهيناتا وقالت بخبث

- في حفلة عائلتكم الليلة ! سنعيد الحب إلى مجاريه !

صفّرت اينو وهي تقول ساخرة

- غريبٌ ان تقول هكذا امر ساكور ، ظننت بأنكِ ستستغلين الوضع كي تسرقي ساسكي – كون !

توترت ساكورا بعض الشيء مما جعل هيناتا تقول غاضبة

- اينو ! لا تقولي مثل هذا الكلام لساكورا !

صمتت اينو فقالت ساكورا متنهدة

- حسناً دعيني اقل الصراحة ، آيـآمي هي منافستي وصديقتي في آن واحد ، وانا اعرف تمام المعرفة بأن ساسكي – كون لن يحب غيرها مهما حاولت ان اغريه وافتنه ، كما اني لم اكن المحبة الصالحة له على مرّ السنين ! لذا دعيني اقلها مباشرة ... سوف اساعد صديقتي على استرجاع حبيبها الذي احبه !

ابتسمت هيناتا سعيدة بهذا ثم اردفت بحماس

- حسناً دعونا نختار كيمونو فائق الجمال لها ! سيكون امراً مسلياً

وقفت الثلاث موافقات على هذا فالتفتنّ ناحية آيـآمي ليجدنها تنظر اليهنّ بنظراتٍ باردة وتردف ببرود اكبر

- حسناً ، لا اعلم ما نوع المؤامرة التي تحكنّها ولكني اعلم بأنها لا تبشر إلا بدمار العقول !

توترت الثلاث وبان ذلك عليهنّ مما زاد الريبة في ملامح آيـآمي الشكوكية ! ولكنها هزت كتفيها والتفتت تنظر بتقزز ناحية الملابس المزركشة مرة اخرى !

انهينّ التسوق خلال ست ساعات قاست فيها آيـآمي انواع العذاب التي عزمت على ان تضيفها إلى سلاسل عذاب عالم الشياطين لاحقاً ! لانها واثقة من ان هذا سيقوي الجيش الملكي بلا ريب !

حلّ الظلام ولكن الحياة لا تزال تدّب في قرية كونوها الهادئة ذات الرياح الربيعية العليلة ،

الموسيقى قد اطربت السامعين والتي قد صدرت عن حيّ الهيوجا الخاص ! الالعاب النارية والاضواء الملونة واصواتُ الضحكات كلها اتت من تلك الناحية الصغيرة من القرية

الحفلة التي يقيمها زعيم العشيرة ليست بالشيء السهل ،

ارتدت النساء فيها الكيمونو الياباني ، اما الرجال فارتدوا البدلات الرسمية الانيقة ،

عجّ المكان بمختلف الانواع من الاطباق والزينة والناس ،

كانت حفلة مثالية جداً في اوقات متوترة لبعض القلوب المكسورة بشروخٍ لا يمكن علاجها ،

وصلت الثلاث متأخراتٍ بعض الشيء فاسرعن بالدخول الى الحلفة ترتدين الكيمونو فائق الجمال ،

كانت ساكورا تسحب آيـآمي المرغمة على الحضور لمثل هذه الحفلات الصاخبة التي تكرهها ،

ارتدت ساكورا كيمونو زهري فاتح رُسم عليه ازهار الساكورا ، ناسبها جداً ،

اما اينو فقد ارتدت كيمونو سكّري اللون متعدد الدرجات مما جعله مناسباً للون عينيها ،

آيـآمي ارتدت كيمونو اسود اللون عليه رسومٌ لأزهار زهرية بدرجاتٍ متعددة وكان فائق الجمال عليها ،

رفعت شعرها على شاكلة كعكة من الخلف وتركت بعض الخصلات تتدلى على وجهها المملوء بالملل ،

بسرعة كان الجميع قد امتزج في جو الاحتفال عداها ، فقد وقفت في زاوية تشرب عصير التوت غير آبة بما يحدث من حولها

الاعين التي تراقبها من كل مكان ، والرجال الذي عزموا على تمّلكها لهذا اليوم ! كل هذا لم يغب عنها ولم يكن خافياً على اينٍ كان

رغم ان عيناه السوداوتان تلمعان اعجاباً بها ولكنه يقاوم الرغبة في الذهاب وتقبيل يدها ! حاول تشتيت عقله عنها بأي وسيلة فراح يكلم ايتاتشي وناروتو بشتى المواضيع الغريبة !

ولكن ما كان يخشاه قد حصل ، اعلن رئيس الهيوجا عن بدأ الرقص الجماعي ! فسبب له هذا انزعاجاً شديداً حينما تهاتفت الفتيات عليه من شتى بقاع الارض !

نهرهّن جميعاً وراح يحاول دفعهنّ عنه ، ولكنه لم يتمكن إلا حينما شاهد الرجال يقفون بالقرب من آيـآمي وهم يطلبون منها الرقص معهم !

شعر بالغضب يغلي في جسده كله حينما قبلت آيـآمي مراقصة احد الرجال الذين لا يعرفهم وهي تنظر اليه ببرود حتى اخرجت لسانها ساخرة منه

شعر بالاهانة والسخط يرتفعان بالغليان في كل جسده ،

بدأ الرقص وحالما شاهد الرجل يضع يده على خصرها حتى ضاق به الامر ذرعاً فازمع ناحيتها وسحبها من بين يديّ الرجل وهو يقول ببرود ريثما يحيطها بيديه

- هذه الفتاة ملكٌ لي ، جد لكَ غيرها

ضاقت عيناها بشكلٍ مضحك لوهلة ، حتى بدأت تحاول ان تفك نفسها من بين يديه ،

استعملت اظافرها في هذا مما شبب له شدوخاً في وجهه ، بدت كالقطط تماماً ولكنه روضها حينما عانقها بهدوء ووضع رأسه على كتفها وهو يقول

- تباً لي ، لم يمر يومٌ ونحن مفصلان حتى شعرتُ بأني لن اعيش ، هل تسامحين هذا الاخرق ؟!

احمّرت وجنتاها بشكل طفيف وهي تعقب بتمثيل انفعال

- وكيف يمكنني ان لا اقبل اعتذار القبيح شخصياً ؟!

ضحكّ عليها ونظر مباشرة في وجهها مبتسماً ابتسامته الساحرة ، اقترب منها حتى تلامست شفاههما بعض الشيء

ولكنه استيقظ من هذه الذكرى فجأة حينما دوى صوت الرعد في الارجاء !

نهاية الفلاش باك

استوعب انه كان واقفاً لفترة طويلة امام النافذة ، فأسرع بالذهاب إلى الحمام كي يغتسل ويخرج ليذهب لمكتبه الخاص !
 
 
~
 
 




قل لي ايها النبيل هل لي بطعنة من سيفك بين ضلوعي ؟

اخبرني ايها الملكي ، هل بوابات الجحيم مفاتيحها بين يديك ؟

تراك شبحاً ام مجرد ملك ببطشٍ حقير ؟!

تراني اقاتلك ام امازحك بدماء الحميم ؟!

لا تقل بأني لم احذرك لأني اعلم بأني قاتلك لا محال !

انتظرني وقت الغسق حينما يغني الاطفال على جثثهم !

منتظرين قاتلهم ، سفاحهم ذي النفس الجحيمية !

حينها تذكر وعدي لك يا ملكي ..

انا قاتلك .. انا سالب روحك المملوءة بالسخيمة !

لم يصدق بأنه قد شفي تماماً حتى ذهب إلى قاعة القتال في القصر ينفذ بعض تمارين الاحماء !

رغم انه لا يزال يشعر بألمٍ في عضلاته إلا انه يريد ان يقاتل احداً ما ويشبعه ضرباً ،

فما كان منه إلا ان اختار آيريس المسكين الواقف عند زاوية الجدار يرتجف كالسناجب وهو يسمع ضحكات كازو الشيطانية

التفت ناحيته وهو لا يزال يرتجف فلمعت عيناه بشكلٍ مسخي ومتوحش وهو يردد من بين اصطكاك اسنانه

- تعالي ايتها النبيلة القبيحة آيريسّا ودعينا نبدأ القتال !

تلك النبرة المتوحشة زادت الامر سوءاً فشعر آيريس بانه سيموت لا محال في أي لحظة بسبب هذا الوحش الطليق من الاسر !

على امتداد الجدار المقابل لهما وقف الاخوة الستة ينتظرون بدأ القتال بحماس !

رغم انهم لا يزالون بحاجة للعلاج إلا انهم فضلوا الخروج من الكبسولات المخصصة لهذا

وقف اراشي متحمساً وهو يصرخ مشجعاً بسعادة

- اهزمه كازو ! كسّر عظامه ! آيريس اقتلع عينيه واحرق بطنه !!

التفت اليه كاريو وقال ببرود وبلاهة

- اختر صفاً تشجعه يا قردي الاحمق !

لسببٍ لم يفقه اليه احد كان كاريو يرى اذنيّ قرد وذيله على اراشي كما انه يسمع نبرة القرد في صوته مما اظهر زهور السعادة حول كاريو المتحمس لهذا القرد الابله !

تقدم هيرو بسيفه واخترق بطن آراشي وراح يأرجحه في الهواء وهو يقول بقليل من الانزعاج

- ابتعد ايها القرد في عينيّ الغزال كاريو ! دعوني ارى الدماء تتطاير من جسد السنجاب والقرد الراقص

ربما لم يعرف احدٌ ما حل بـ هيرو في تلك اللحظة ! حينما شاهدوا وتداً خشبياً يخترق صدره فثبته على الجدار !

وبقي ذلك لغزاً تناقلته الاجيال !

لم يكن ذلك لغزاً بحد ذاته بل كان آيريس الي كسر كرسياً خشبياً والقى بجزءٍ منه على هيرو ! فسبب له صدمة عاطفية لم يكن يتوقعها !

صرخ آيريس ببلاهة مضحكة

- السنجاب الوسيم !! لقبي هو السنجاب الوسيم ايها الاحمق !!

بدون ان يهتم احدٌ لما قاله ، اتجه تشيتوسي ناحية هيرو وحرره من الخشبة التي تخترق صدره ، سقط هيرو على الارض وراح يرتجف وعيناه تدمعان وهو يقول

- وحش ! لقد هاجمني وحشٌ على حين بغتة ! كنتُ جريحاً ! مسكيناً ! وقد خانني بضربة في الظهر !!

ابتسم تشيتوسي ببرود وصفع هيرو على وجه وهو يقول بابتسامة هادئة

- اعتقد بأن الجنون يتكون من الشخصِ بحد ذاته وليس موروثاً في الجينات !

تقدم دان منهما وضربهما وابعدهما عن بعضهما وهو يقول منزعجاً

- الن تصبحوا عاقلين لمرة واحدة ؟! دعوني استمتع بالقتال الدموي الذي لم يبدأ حتى !

آراشي الذي عانق دان فجأة قال بنبرة غنج شديدة

- عزيزي دان ، ما رأيك بأن تأخذني في موعدٍ لاحقاً ! لعلي بهذا انسى همومي !

نظر دان بعيون مخيفة تلمع غضباً ناحية اراشي ، حينما ظهر عرق الغضب على وجه قال مستفسراً

- هاااا ؟!!!

انتفض اراشي خائفاً ، تراجع إلى حضن كاريو الذي كان يربت عليه ببرود وعدم اهتمام !

جيراهيم وقف بجانب دان وقال ببرود وهو ينهي آخر صفحة من كتابه

- انهيت كتابي ولم تبدأ تلك المعركة !

نظر اليه دان بطرف عينه ثم قال بهدوء

- كازو متحمس لسبب ما ، يبدو وكأنه يريد الانتقام !

قفز آراشي ببلاهة امام الجميع ليصرخ متحمساً بوجنتين محمرتين

- اجل اجل ! انا اعلم السبب !! لأن آيريس قبّل تشيبي – شان ! لذا اخوية كازو ظهرت ويريد الانتقام الان !

صمتٌ هائل عمّ المكان ، الاخوة يحاولون استيعاب الصدمة التي حلّت فجأة على مسامعهم !

دون ان يدركوا صرخوا جميعاً بصدمة

- مــــــآذا ؟!!!!!!!

زاد ذلك من غضب كازو الذي اختفت ملامحه خلف خصلات شعره المتطايرة بفعل الهالة الحمراء التي تحيط بجسده !

التفت ناحية آيريس الذي صُدم بملامحه ، وفي ثانية كان واقفاً امامه ولكمه بقوة دفعته حتى الجانب الاخر من الغرفة

ودون ان يدرك آيريس شيئاً ركله كازو على ظهره قبل ان يرتطم بالجدار ،

ولكن آيريس استعاد توازنه حينما اصبح جدياً والتفت ناحية كازو بسرعة مما اربك الاخير بعض الشيء ،

اندفع آيريس ناحية كازو الذي انتصب واقفاً دون حراك وحينما اراك لكمه اختفى مما فاجئ كازو التي تلقى صعقة كهربائية موجعة من اللا مكان ،

دوت ضحكات آيريس المكان كله وهو يقول

- ما بك كازو ؟! هل تأثرت بعقاب بابا ؟!

رفع كازو احد حاجبيه بهدوء غير آبه بما قاله له آيريس منذ برهة ، لم يتحرك مما زاد من عجب اخوته و آيريس الذي استغل الوضع

فراح يسدد الضربات من مختلف الجهات على كازو التي تلقاها برحب صدر !

شعر آيريس بأن هناك ما يحيكه كازو في رأسه ، فهو لن يتلقى الضربات دون ان يردها !!

تراجع الى الخلف حينما ادرك بأنها سبب كدماتٍ عديدة لصديقه وادمى بعض مناطق جسده ،

ولكن المفاجئة كانت حينما جلست كازو الاربعاء على الارض ! وتلامست انامله ببعضها البعض بخفة

استنشق الهواء بعمق وراح يزفره ببطء شديد مما جعله يصب تركيزه على الغرفة كلها ،

بدأ الهواء من حوله يصبح اسرع كالدوامات مما سبب تطاير شعره حوله ،

وفي لحظات كانت زوبعة هائلة من الهواء تدور في الغرفة ساحبة الجميع في الدوامة اللا نهائية للهواء ،

راح الجميع يدورون في الغرفة غير قادرين على الحراك من قوة الرياح ،

ولكن كازو فتح عينيه على مصراعيها لتتحول إلى لون الظلام الدامس ،

وقف ! وكانت الجدية سيدة الموقف في تلك اللحظة بالذات ،

فحرك يديه وصفق مرة ليختفي الهواء ويسقط الجميع على الارض متألمين ،

ولكن ذلك لم يكفِ كازو الذي لا يزال يريد التنفيس عن نفسه ببعض المرح كما يقول ،

دون ان يفقه آيريس لتلك اللحظة وهو يشعر بالدوار وقف كازو خلفه ووضع اصبعين من كل يد على جانبي رأس آيريس

صب تركيزه على الوضع الذي هو فيه ، فشعر آيريس وكأنه القي في حممٍ بركانية !

بدأ جلد بالذوبان وظهرت الحروق على انحاء متفرقة من جسده ، لحسن حظه تمكن من التحرك وتراجع بسرعة إلى الخلف

عادت عينا كازو طبيعية تماماً وهو يتنهد بشكلٍ عجيب !

نظر إلى يده ومن ثم قال بهدوء

- يبدو وكأني ازدتُ قوة !

ابتسم آيريس بهدوء وتقدم من صديقه ليربت على رأسه ويقول بسمج

- كازو ! احسنت القتال ولكنك كدت تقتلني ! هل كنت تنوي قتلي ؟!

اجاب كازو بلا انتظار

- اجل !

تحطمت آمال آيريس في تلك اللحظة وسقط على ركبتيه يبكي دماً بدل الدموع وهو يردد

- آيـآمي ، تعالي وخلصيني من هذا العذاب !!




اختلافٌ

هي كلمة معناها الافتراق ،

تحومُ بنا نحو آفاقٍ ما بعدها طريق ،

ممسوسة بمسّ الشيطان ،

ومعتكفة على توفير احتياجات الظلام ،

تطوفُ بطوفانٍ الى خياراتٍ لا تطاق ،

وأن توانت الايامُ يوماً فـ سنعرف معنى المحال ،

اتخال الموت بكبرياء على الضحية ينهال بالوجوم ،

ام تراك تعرف معنى الحضارة فتفتك بها بمعنى الحؤول ،

هنا اقف اليوم ..

على مشهدٍ قديم .. اراك فيه غريقاً

وانا منك بعيد !

تجوبُ ممرات القصر بخطوات وئيدة مترنحة وهي تتذكر شكل ساسكي الذي لم يتعّرف عليها !

ولكن .. كيف عرفت اسمها اذا ؟!

عيناها زائغتان عن مفهوم الحياة وهي تشعر بقلبها ثقيلاً على الاضلع التي تحميه !

وصّلت الى نفس الغرفة التي قابلت فيها عائلتها ذات الصفات المعكوسة سابقاً ، لم يكن هناك احد غير كازو الواقف يقرأُ كتاباً بتمعن

حالما شاهدته حتى زاد خفوت عينيها وشعرت بالصداع يستولي عليها تماماً ،

شاهدها وقلق حينما انتبه على قسمات وجهها المنهكة والمهمومة ، وضع كتابه جانباً واتجه ناحيتها بخوفٍ بادٍ على وجهه

وقف قبالها ليردد قلقاً

- آيـآمي ، هل انتِ بخير ؟

رفعت بصرها ناحيته لتنظر في عينيه بهدوء ، بدون أن تشعر عانقته بقوة كبيرة ودفنت رأسها في صدره ،

احمّرت وجنتاه وتوتر جداً ولم يعرف ما الذي يمكنه فعله في هذه اللحظة ،

لم يجد غير ان يبادلها العناق ويربت على رأسها بهدوء وهو لا يزال خجلاً منها ،

مختلفٌ هو في هذا العالم ، يحبها ولكنه لا يجرؤ على قول هذا او الافصاحِ عنه ،

يريدها لنفسه ولكنه استسلم حينما خطبت لصديقه الاعزّ ،

ما الذي يستطيع فعله في مثل هذه الحالات الصعبة ؟ هو لا يعلم ! هدوءه غريبٌ عليها بعض الشيء ولكنها اكتست بالامان بين نبضات قلبه المتوترة ويديه اللتين تربتان على رأسها بحنان

ارتخت يداها مما جعله يتعجب بعض الشيء ، استرق نظرة اليها ليجدها قد غطت بالنوم بين احضانه !

ملامحها الهادئة زادت من توتره في هذه اللحظات ولكنه تنهد كابتاً ما يشعر به وحملها بين ذراعيه وسار بها ناحية غرفتها

حينما دنى من الغرفة وجد آيريس ينتظر قرابة الباب ، ما ان انتبه عليه حتى حدجه بنظرة غاضبة ومعاتبة انزعج منها كازو كثيراً

وقفت آيريس امام كازو وهو يقول ببرود

- اعلم بأنك لا تزال تحبها ولكن دعني اوضح امراً واحداً لك ... هي ليّ ولن اتخلى عنها !!

اغمض كازو عينيه وقال بشكل ساخر

- ليس وكأني سأسرقها منك او شيئاً من هذا القبيل

تجاوز آيريس ودخل إلى غرفة آيـآمي حيث وضعها على فراشها وخرج بعدها متجاهلاً آيريس الواقف بهدوء

تنهد آيريس واستوقف كازو بقوله

- كازو ! هل لي بلحظة ؟!

التفت كازو اليه متعجباً بعض الشيء ليردد بهدوء

- اجل ما الامر ؟!

ابتسم آيريس بحماس ليعقب قائلاً

- ما رأيك بأن نذهب لتناول الشراب ؟ مرت فترة لم نفعل فيها هذا !

تحمّس كازو للفكرة فقال بابتسامة واثقة

- الحساب عليك !

تغيرت ملامح آيريس فجأة فأخرج محفظته وراح يقبلها ويعانقها وهو يذرف دموع الحزن قائلاً

- وداعاً يا عزيزتي ! قضينا وقتاً رائعاً معاَ !

ضحك كازو عليه ، تقدم وجره من يده إلى خارج القصر حتى توغلا في طرق المدينة

كان الليل قد حلّ والهدوء ساد القصر بشكلٍ تام ، لم يكن هناك اثرٌ للحياة فيه لأن الجميع خرجوا يجوبون المدينة ويضحكون

عدا آلون وآيـآكا الذين يبقيان في القصر لتولي امور الدولة والحكم الخاصة بهما !

لم يكن احدٌ يشعر او يعرف بما هو على وشك ان يحدث من بين ستار القدر الاسود ،

البدر القرمزي في الخارج قد توسط السماء واصواتُ الموسيقى في المدينة تلعو شيئاً فشيئاً !

ولكن الغابة السوداء التي تخفي الاشباح و الوحوش قد عمّها الوجوم وكأن الديجور لم يكن كافياً حتى يجعل لها من الرهبة ما يرعب القلوب القوية

هبت رياحٌ باردة حركت الاشجار السوداء التي اصدرت صريراً مزعجاً يصم الآذان ،

ومن بين تحركات الاشجار خرج بجبروته المرعب ، وحيداً وبصمتٍ لامثيل له يسير بهدوء وبرود شديدين حتى وقف عن شرفة غرفة من احدى غرف القصر

لمعت عيناه الليلكيتان بحمرة البدر الاحمر حينما انعكس عليهما ، تحرك قليلاً فارتفع في الهواء حتى حطّ على الشرفة تماماً

فتح النافذة بهدوء ودلف إلى الغرفة المظلمة التي يرى تفاصيلها بسهولة قصوى ،

اتجه ناحية السرير الذي كانت هي نائمة بتعبٍ عليه ، شاهد وجهها فلمعت عيناه اكثر !

مدّ يده ببطء ناحيتها والخير ليس بادياً على ملامحه ابداً ، ينوي الشّر هو ام لا ! لا احد يعلم !

حالما وصلت يده اليها حتى ارتخت على وجنتها تداعبها بهدوء وملامحه الباردة الميتة لم تتغير مطلقاً !

جلس على الفراش بقربها وهو يمسح على رأسها بيده الباردة ، ابتسم ابتسامة ميتة لا معنى فيها وهو يمسك بخصلاتٍ من شعرها ويقبلها بحب !

الان يظهر عكس ما كان يظهره لها نهاراً في ساحة القتال ! تناقضٌ هي شخصية ساتان التي عرف بها على مر العصور !

جلس هناك لوقتٍ طويل ، يحفظ تقاسيم وجهها ويشبع حبّه لها بالنظر اليها وهي لا تعلم بأنه هنا حتى !

ولكن ملامحه تجمدت مرة اخرى حينما شعر بشخصٍ يقف خلفه متكئاً على الباب ويردد بهدوء

- سيكون امراً قبيحاً ان يشاهدك احدٌ ما هنا ساتان !

التفت ساتان ناحية الصوت ليرى باندورا بابتسامة مريبة على وجهه ، اشاح بوجهه بغرور وردد معقباً

- لا اعتقد ذلك ، فحركة من يدي كفيلة بتدمير قصركم هذا !

سرت رعشة في جسد باندورا ، ولكنه فتح عينيه بنظرات مرعبة موجهة ناحية ساتان ثم اردف

- متأكدٌ انك لا تريد الرحيل الان ؟! لستُ اضمن لك غضب والدي !

اهتز احد حاجبيه بانزعاج مما قاله ، وقف ساتان بهدوء وسار ناحية النافذة وهو يقول بغرور

- ليس وكأن آلون سيغضب حالما يراني ! انت تعرف ذلك ..

- ما اعرفه هو ان والدتي ستجنّ إن عرفت بأن الذ اعدائها مغرم بأبنتها !

- وما الضير في هذا ؟ لعل والدك يجد زوجة اكثر هدوئاً .. وعقلانية

- لا اعتقد بأني احب سماع الاهانات عن والدتي ساتان

- وانا لا احب الثرثرة بلا داع ، لذا صنّ لسانك يا فتى

- تقول فتى لمصاص دماء في عمر المئات ؟

- وهل يهم ؟ ما تزال فجاجاً يا ابله ، احفظ حياتك وإلا انتهت بسرعة

اختفى ساتان من امام ناظري باندورا فجأة وعلى ثغره ابتسامة مرعبة بلا شك !

تنهّد باندورا واتجه ناحية النافذة واغلقها ليلتفت ويرى آيـآمي تنظر اليه بتعجبٍ وازدراء !

هو يعلم ان شكله كان مريباً ، يدخل غرفة اخته النائمة ويغلق النافذة ... لما يفعلها اصلاً ؟!

ابتسم ببلاهة فتجاهلت آيـآمي ما فعله وقالت ببحة

- ما الذي تفعله هنا باندورا ؟!

توتر بعض الشيء ، اتجه ناحية فراشها وجلس عليه ليقول بهدوء مصطنع

- فقط ... اردتُ الاطمئنان عليكِ !

ضاقت عيناها بشكٍ لما قاله وقد عرفت بأنه يخفي امراً ما ولكنها تجاهلت الامر وقالت

- سمعتُ بأنك قتلت جيشاً من الجنّ قبل فترة ! عملٌ رائع

تحولت ملامحه للجدية ليقول بشكلٍ مخيف بعض الشيء

- كانوا مجرد حمقى استحقوا قطع رؤوسهم ! ولكن من اخبرك بهذا ؟!

صمتت لوهلة حينما شردت عن الموضوع ولكنها اجابت بعدها بهدوء

- والدتي قالت هذا لي حينما اعادتني إلى الغرفة اليوم !

اشاح باندورا بوجهه عنها وقال متفهماً

- هكذا اذاً ، على اية حال كيف يبدو الامر ؟

تعجبت من سؤاله الشاذ عن الموضوع ، اجابه بسؤالٍ آخر

- ما الذي تعنيه ؟!

ابتسامة جدّية خبيثة ارتسمت على ملامح باندورا وهو يمسك بذقن آيـآمي ويقول

- كونكِ محتجزة في عالمٍ ليس عالمك !

اتسعت حدقتاها صدمة لما قاله ، حاولت التراجع ولكنه شدّ على فكيها بقوة وهو يكمل

- اعتقد بأنه سجنٌ يزعج العقل ويشوبه بالجنون أليس كذلك ؟!

قالت من بين اسنانها غاضبة

- كيف تعرف هذا ؟!

تلاشت ابتسامته فجأة ، تركها ووقف وهمّ بالخروج قائلاً

- لا يهم ! لأني ميتٌ في الحالتين آيـآمي ! سأحميكِ حتى لو لم اكن على شاكلة السيوف !

خرج من الغرفة بغموضه الذي اتى به ! شعرت بقليل من الرعب لما قاله ولكنها تمالكت نفسها وبدأت بتفسير الامر في عقلها !

او حاولت ذلك على الاقل !





لا تزال آيـآكا على فراشها تقومُ بفعل شيءٍ ما ! تمسك بيدي آيـآمي وعلامة ما تظهر على جبينها وهي تردد عباراتٍ بلغة غير مفهومة

بدأ شعرها يطفو قليلاً في الجو وضوءٌ ابيض يحيطها وهي تنفذ السبيل إلى فوزها على ما يبدو

عضت اصبعها فجرح ورسمت بالدماء دائرة تحتوي داخلها على كلمة الموت على جبين آيـآمي النائمة بغير ادراك

وضعت يدها على صدر آيـآمي وعادت تقول الكلمات ولكن بشكلٍ اسرع واكثر مهابة من سابقه

ازداد سطوع الضوء الابيض ففتحت آيـآكا عينيها لتتحولا إلى البياض التام لتضرب آيـآمي على صدرها ضربة قوية هزتها بقوة وانبلجت عيناها على اثرها من الالم !

ابتسمت آيـآكا ورددت بسعادة

- سنرى الان ساتي ! حتى وإن اخذتها فهي لي !





شهقت بقوة حينما آلمها قلبها فجأة !

شعرت بصدمات تضرب جسدها فسقطت على الارض متألمة تأنّ بصمت وخفوت

تشعر وكأن شيئاً ما ينتشل منها ! امرٌ ما يسحب وكأنها على وشك ان تموت في اي لحظة !

جسدها يرتجف بشكلٍ هستيري وهي تحاول التقاط انفاسها المقطوعة والمضطربة !

بدأت تسعل بشدة وهي غير قادرة على التنفس او الشعور بأي شيء ! لان الصداع بدأ يفتك برأسها بشكلٍ تام !

تسمع اصوات صراخ و ضحكات وتلاحم سيوف ! ولكنها لا تعرف لما ومن اين تأتي !!

اختفى ...

ولكن كل شيءٍ اختفى فجأة وكأنه لم يكن !

تشعر بأنها بخيرٍ تماماً وان لا عذاب قد مرت به منذ هنيهة بسيطة !

جلست متربعة وهي تتساءل اين اختفى الالم في لحظة ! ما الذي حلّ بالاصوات والصداع الذي اصابها ؟!

امالت رأسها بعض الشيء وهي ترجو أن لا تكون قد جنّت بسبب كل ما يحصل لها منذ ولادتها إلى الان !

وقفت وهي تحك رأسها بحيرة مما يحدث لها ، هي قد ضاقت ذرعاً بكونها وسط المشاكل واللبّ الشيطاني هذا !

تنهدت وكأنما هي على وشك ان تفقد حياتها وتريد التمسك بها بشكلٍ نهائي !

نظرت إلى المرآة وقررت ان تفعل شيئاً ما ! من اجل التغيير ربما ...

امسكت بالخنجر الصغير الموضوع على الطاولة المجاورة للمرآة وامسكت شعرها بيدها الاخرى

وبحركة سريعة تحول الشعر الطويل إلى شعر قصير يصل إلى منتصف رقبتها !

اما خصلات شعرها الذهبية فقد رمتها على الارض وتركتها خلفها وخرجت من الغرفة لعلها بهذا تغير بعض الامور التي تحدث لها

او ربما .. هي قد جنّت بالفعل !





تشبع الختم الثلجي الذي يمتص قوته من البدر الفضي بالدماء التي اضرجت بها الجثث الستة على الجوانب الخاصة به

استطاع ساتان شمّ الموت في الاثناء التي وضعت فيها الجثث على الاماكن المخصصة لها !

وبقليل من الصبر و ابتداء الصباح بالقدوم توسط ساتان الختم بهدوء منتظراً ان تطلع الشمس بشكلٍ كامل حتى يبدأ ما يريد فعله !

وريثما هو يفعل هذا تذّكر الكثير من الذكريات التي جعلته الكره ينمو في قلبه ليحتل الظلام كل ما حوله وإن كان النور يريد ان يحيا !

طلعت الشمس بعد ساعة من وقوفه في وسط الختم ! وحلّ الصبح ناشراً الحياة في عالم الشياطين بشكل وتير

ما ان توسطت الشمس المنظر من النافذة حتى رفع ساتان يديه وبدأ بترديد كلماتٍ غريبة غير مفهومة

سرعان ما لمع الختم وظهرت لمعات جليدية في الجو من حوله وكأنما الشتاء قد قدم على هذه الغرفة الصغيرة

صمت ساتان ولكن صوت تهويدة بصوتٍ ملائكي حلت مكان صوته ، الختم كان يغني بهدوء حتى ظهر شكل الختم على جبين ساتان

رفع يده إلى الاعلى مشيراً بأصبعه للسماء لتهب رياحٌ من النافذة تجعل كل شيءٍ يطير في كل الانحاء

فتحة سوداء عظيمة ظهرت في السماء كالثقب الدودي تماماً ! فزع كل من شاهد هذا المنظر !

حتى ابناء ساتان خرجوا إلى خارج القصر لمشاهدة الفتحة السوداء في السماء الزرقاء !

آيـآكا التي صدمت بالجاذبية المرعبة التي تسحب آيـآمي منها حاولت بشتى الطرق ان تقاوم ذلك ! لم تفهم لما هذه الجاذبية تحاول سحب آيـآمي إلا حينما تذكرت كلمات ساتان !

فزعت بعض الشيء ولكن سلاسل ظهرت فثبتتها بشكلٍ كليّ لتسحب تلك الجاذبية آيـآمي وتختفي في فتحة سوداء مرعبة !

ريثما الجميع واقفين ينظرون إلى الفتحة السوداء حتى سقط منها جسدٌ لشخص لم يتعرفوا عليه في بادئ الامر

اتسعت عينا كازو حينما ادرك انها آيـآمي التي تسقط من السماء وعلى وشك ان ترتطم بالارض !

بدون ان يشعر صرخ قائلاً بحدة

- استيقظي ايتها البلهاء !!!

و ريثما جسدها يتهاوى في الهواء بلا شعورٍ منها ، فتحت عينيها بشكلٍ مرعب وهي تنظر الى نفسها تسقط دون ادنى حركة منها !

وقبيل ان تصطدم بالارض التفتت وحركت يدها باتجاه الارض وكأنما هي تضغط على شيءٍ ما فوقفت على سطح الارض بهدوء

إلا ان رياحاً مرعبة هبت على اثر قوتها مما اقتلع الاشجار المحيطة ودمر الكثير من الابنية الصغيرة في الارجاء !

وقف الجميع متصنمين حينما شاهدوها تقف امامهم .. بلا وعي .. بلا مشاعر !


 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق